في تحليل أعده مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، ديفيد شينكر، عن الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها "حزب الله" في لبنان، خلص شينكر إلى أن مسار تغيير الأحداث في سورية وما يواجهه حزب الله من ضغوط لم يسبق لها مثيل، سيجعل أيام هيمنة الحزب على لبنان معدودة.

يقول شينكر إن كثيرا من اللبنانيين يرون أن الهجوم الهائل باستخدام سيارة مفخخة في بيروت في 19 أكتوبر الذي أودى بحياة رئيس فرع المعلومات بـ"قوى الأمن الداخلي" وسام الحسن - مسلم سني- وسبعة آخرين يستحضر في الأذهان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 2005. وقد أُدين أعضاء في الميليشيا الشيعية التابعة لـ "حزب الله" بارتكاب الجريمة التي وقعت في 2005، كما أن المنظمة - إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد - هي المشتبه بها الرئيس في هذا الانتهاك الأخير. ومع ذلك، فبدلاً من إظهار القوة، يُبرز الهجوم إحساس الميليشيا بعدم الأمان.

وعلى مدى معظم فترات العقد الماضي كان "حزب الله" يحظى بوضعية تتيح له الغرور والزهو. لكن بعد مرور 20 شهراً على الانتفاضة الشعبية في سورية التي تهدد بإسقاط نظام الأسد، وقطع خطوط الإمدادات لـ"حزب الله"، وترك التنظيم محاطاً بأغلبيات ساحقة من المسلمين السُنة، فإن الحركة تواجه ضغوطاً لم يسبق لها مثيل، ويبدو أن قائدها حسن نصر الله الواثق من نفسه عادة، ينتابه القلق في الوقت الحالي. ورغم أن خطاباته لا تزال تعكس التظاهر المعتاد بالشجاعة، إلا أن في ظهوره الأخير لا يبدو أن نصر الله هو كما كان سابقاً.

إن تغير الديناميات السياسية في بيروت - ويعود ذلك إلى حد كبير نتيجة للأحداث في سورية - يمثل أيضاً مشكلة لـ "حزب الله". وقد أصبحت الميليشيات اليوم في وضع ليس فقط تواجه فيه احتمال تنحية الأسد، بل قد تخسر أيضاً الانتخابات المقبلة وسيطرتها على الحكومة. ورغم أن "حزب الله" لا يزال يحظى بتأييد بين الشيعة، إلا أن هناك مؤشرات على أن شريكه المسيحي في الائتلاف - "التيار الوطني الحر" بزعامة ميشال عون - يخسر شعبيته. وفي الوقت ذاته فإن الطائفة الدرزية اللبنانية الصغيرة القوية سياسياً برئاسة وليد جنبلاط مستعدة للانفصال عن تكتل "حزب الله" وإعادة المواءمة مع ما تبقى من "تحالف 14 آذار" الموالي للغرب، بما يمكنه من تشكيل الحكومة.

ومع ذلك، فإن الانتفاضة السورية قد أحدثت تغيّراً في نصر الله وسوف تعمل في النهاية على إحداث تحول في "حزب الله". واليوم لم تعد المقاومة كما كانت عليه في 2006. فقد تراجع وضع الحركة وربما تراجعت قدراتها هي الأخرى، ومن المؤكد أن تجد نفسها في وضع أقل مواتاة في لبنان والمنطقة بعد سقوط الأسد. لقد أظهر "حزب الله" على مدار سنوات عديدة مرونة وبراعة وقدرة متكررة على المفاجأة والمباغتة. وليس هناك شك في أن الحركة لا تزال تمثل خطورة وسوف تستمر بالتأكيد في تهديد وقتل اللبنانيين واستهداف الإسرائيليين. ولكن ما لم تحدث تغييرات كبيرة في مسار الأحداث في سورية، فإن أيام هيمنة "حزب الله" على لبنان ستكون معدودة. وكما تشير تصرفات الميليشيا في الفترة الأخيرة، فإن "حزب الله" يدرك أن شيئاً ما سيحدث.