يسألني: لماذا تعترض على الجهود التوعوية التي تقوم بها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد؟ أليست هذه الجهود كالجرس الذي يوقظ النائم؟
قلت له: حسناً، لا أحد يعترض على الجهود التوعوية بشكل مطلق.. لكن الاعتراض على أن التوعية ليست من أهداف إنشاء الهيئة.. ناهيك أن هناك جهات حكومية في البلد - أنت تعرفها بشكل جيد - تقوم بعمل أمني وضبطي فاعل وقوي.. لكنها تعمل بصمت وهدوء.. دون ضجة وضجيج.. دون أن تعرف حتى مكان عملها.
التوعية يا صديقي لها مؤسساتها الخاصة بها.. لها منابرها و"مايكروفوناتها".. المطلوب من الهيئة إن أرادت الخروج للمجتمع، أن تخرج بالإنجاز.. وليس إعلانات مكررة مدفوعة الثمن.. بلا رائحة ولا لون، لا تقدم ولا تؤخر ولا تردع.. إذ لا أحد يجهل حكم السرقة الشرعي.. أو الرشوة.. ولا أحد يجهل مآل وعقوبة اللصوص والمرتشين وسرّاق المال والممتلكات العامة.. "الحرامي" حينما يسرق يعلم أنه يرتكب جريمة تعاقب عليها كل الشرائع السماوية.. بل وحتى القوانين الوضعية.. ولو سألت طفلا في أولى ابتدائي ما حكم السرقة؟ لقال لك: "حرااام".. ما المبرر إذن أن نستهلك المال والجهد والوقت في توضيح الواضحات؟!
التوعية والحلال والحرام والدنيا والآخرة هذه لها أجهزتها الخاصة بها، كالمنابر والمحاضرات والمدارس.. وليست إطلاقاً من مهام جهاز حساس وقوي وضارب كالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
يجب أن تتوقف حملات التوعية التي انشغلت بها الهيئة وتنصرف الجهود للعمل.. نريد من الهيئة أن تعمل بصمت.. فلا يتحدث سوى إنجازاتها.. هل بتنا نطلب المستحيل؟!