اختتم مؤتمر "فكر11" بجلسة عامة أخيرة حملت عنوان "المسؤولية الاجتماعية للشركات والمبادرات الإنسانية في الوطن العربي"، أدارها يسار جرار من الأردن، شريك "باين وشركاه". قدّم جرار موضوع الجلسة من خلال الإضاءة على مشكلة باتت تعاني منها الحكومات، وهي "توفير الخدمات للمواطن التي باتت حاجتها تتخطى قدرة الحكومات على توفيرها"، لافتاً إلى "حالة المشاكل المعقدة التي تبدأ بالبيئة ولا تنتهي بالبطالة. بالتالي أصبح قطاع المجتمع المدني والعمل الخيري يعوّض عن نقص الدولة".
وأشار الوزير اللبناني السابق سليم الصايغ، إلى أنّ "وضعنا في وزارة الشؤون الاجتماعية أطر قانونية لتنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتشجيع الاستثمار الاقتصادي في العمل الاجتماعي"، موضحًا أننا "عندما نتكلم عن المسؤولية الاجتماعية نتكلم عن الإنسان، غير أن هناك تقصيرا مستمرا من قبل الدولة". ولفت إلى أنّ "في لبنان أكثر من خمسة آلاف جمعية ترعى المسنين، والمعوقين، والمنحرفين وغيرهم.. لكنها بحاجة إلى دعم على مستويات مختلفة". ونبّه الصايغ من "خطر الانتقال من الليبرالية الاقتصادية إلى الاجتماعية"، وما ينتج عنها من ضرر، لافتا إلى "مسؤولية الدولة في تشكيل الضامن لتكون هناك معايير معتمدة محفزة لاعتماد وتطوير المسؤولية الاجتماعية للشركات".
أما خالد قصار، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة "سي أس آر- ليبانون"، لبنان، ففصل بين العمل الخيري والمسؤولية الاجتماعية للشركات، قائلا: "لا يجوز الخلط بين المفهومَين. المسؤولية الاجتماعية تتعلق بهيكلية وعمل الشركات ولها معايير وأصول وضعتها تقارير صادرة عن الأمم المتحدة". ولفت إلى أنه "ليس هناك تعريف واحد لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات بين مختلف الدول، إنما يمكن تحديده بناءً على أربعة قطاعات: مكان العمل أي وضع سياسة واضحة لبيئة العمل، وسوق العمل أي كيفية تحريك عملية الشركة، بالإضافة إلى الشأن الاجتماعي، وهنا يدخل العمل الخيري، والبيئة".
من جهته، أشار أحمد المهيري، المدير التنفيذي في قطاع التخطيط والتطوير الاجتماعي في الإمارات العربية المتحدة، إلى أن "المسؤولية الاجتماعية بحاجة إلى تنظيم أكثر، إنما تبسيط أكثر". ولفت إلى أن "أسس المسؤولية الاجتماعية للشركات قائمة على الحماية والتمكين والاندماج والتوافق الاجتماعي"، معطيًا مثل "الحاجات الأساسية لذوي الإعاقة والوجود للتدريب وإدماجهم في المجتمع، وتعزيز وجودهم ومشاركتهم في الحياة العامة". ولفت المهيري إلى أن "مشاركة الشركات ليست واحدة في جميع الدول، واعتقد أن العمل الخيري هو جزء هام من المسؤولية الاجتماعية، ولا يجب أن تهرب منه الشركات".
بدوره، أشار إبراهيم الزعبي، رئيس المسؤولية الاجتماعية في ماجد الفطيم العقارية في الإمارات العربية المتحدة إلى أن "المسؤولية الاجتماعية للشركات التزام أخلاقي في عمل ربحي، ومسؤولية تقليل الأثر البيئي وتحسين المعيشة في المنطقة التي تم فيها إنشاء الشركة للربح، أي هي مفهوم تقدم الربح من دون آثار سلبية". ويوضح: "المسؤولية الاجتماعية خيار استراتيجي، يركّز على عنصر الموظفين في الشركة وولائهم، بالإضافة إلى العنصر البيئي الذي أصبح الاستثمار فيه مربحًا اليوم. فحماية البيئة أصبحت جزءاً من الأرباح".
أما إبراهيم بن محمد الزين، وكيل مركز ريادة الأعمال في جامعة الإمام محمد بن سعود في السعودية، فأشار إلى أن "العالم العربي ارتبط بالتطوع الخيري، أي بكمية المبالغ المالية التي تقدمها الشركات للمؤسسات الخيرية"، غير أنه لفت إلى "أنّ هذا المؤشر الضعيف، فالمسؤولية الاجتماعية ترتبط حقيقة بالتنمية المستدامة، والتحدي الأكبر هو في تقدمة برامج تساهم فيها، ومدى مساهمة الحكومات في توفير غطاء قانوني تدعم به الشركات". ويختم قائلاً: " لا يمكن محاربة الفقر من خلال تقدمة مبالغ مالية، بل عبر برامج وعلاقات تشاركية بين الحكومات والقطاع الخاص. فالمسؤولية الاجتماعية ترتكز على حاجات المجتمع وتقدمة برامج تنموية بناءاً عليها".