"لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها"، ميزت هذه العبارة مداخلة رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل، خلال نقاش دار في جلسة عُقدت بعنوان "المجتمع والحكومات: تعاون وتكامل". أدارتها منتهى الرمحي، ولم تخلُ من الجدل حيث اختلف المشاركون حول أسباب ثورات الشباب في الربيع العربي، ورفضوا اتهامها بأنها ثورات "جياع"، وأن أسبابها هي البطالة والفقر، مشيرين إلى أنه إذا كان هناك من شارك لتلك الأهداف فهم انضموا لاحقا لتلك الثورات، وهي ثورات للمطالبة بالتنمية، والتطور الاقتصادي التي تمثل السبب الحقيقي وراء تحرك الشعور.

وأثار محمد الملفي جدلاً حول مطالبة عضو المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات العربية المتحدة أحمد المنصوري بالأممية، واصفاً إياها بأنها مطالبة "إخوانية"، وقال الملفي الذي شارك في تغريدة عبر تويتر، واستعرضتها الرمحي أمام الحضور، بأن مطالبة المنصوري بالأممية، هي ذات مطالبة إخوان البنّا، وتساءل ما إذا كان مشروع الدول القطرية قد فشل.

واختلف المشاركون مع المنصوري الذي قال إن الدول العربية ليس لديها توجه، حيث شهدت الجلسة آراء متعددة مخالفة، وأوضح استفتاء أجري خلال الجلسة أن 95% من الجمهور لا يرون أن هناك ثقة متبادلة بين المواطن والحكومات في البلدان العربية.

وأكد مشاركون على أن الديموقراطية المطبقة في العالم العربي، هي ديموقراطية تمثيلية، وهي التي تسيطر على الواقع الحالي، مشيرين إلى أن الثورات العربية الأخيرة أظهرت وجود حكام كانوا يقدمون أنفسهم كثائرين، إلا أنهم تخلوا عن وعودهم البراقة.

وشارك في الندوة عضو المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات العربية المتحدة عبيد المنصوري، والإعلامي والطالب في العلوم السياسية عبدالعزيز طرابزوني من المملكة العربية السعودية، وأستاذ علم الاجتماع السياسي، في جامعة صفاقس التونسية عبدالواحد المكني، وعضو مجلس الشعب المصري محمد أبو حامد شاهين.

واعتبر المنصوري أنه لا يجوز التكلم عن الحكومة كجزء منفصل، فالحكومات جزء من المجتمع، وأن هناك نوعا من التعميم حول واقع الدول وما يحصل فيه. وقال: "إن هناك تجارب ناجحة، في كثير من الدول العربية لا بد من الإشارة إليها، وأنه يجب على الحكومات مشاركة الشعوب بالرؤية بالمستقبلية، والشيء الأهم أن تكون هذه الأرضية نابعة من القيم المجتمعية". مشدّداً على ضرورة وضع آلية للاستفادة من نماذج نابعة من المجتمع والتفكير في آلية التنفيذ الأمثل لها.

وقال عبدالعزيز طرابزوني إن المشكلة في التواصل بين الحكومة والشعب، والموضوع أصبح أسهل بكثير، وإن هناك إمكانية كبيرة لسدّ هذه الفجوة في ما بينهما، وإنه لا بد من التكامل، وأوضح: "التفاؤل بأن الشباب قادرون على فعل كل شيء منفردين غير صحيح"، معتبراً أنه لا بد من أن يتم العمل سوياً مع الجيل الحالي، لأننا بحاجة لمساعدة، داعياً الشباب أيضاً إلى تحمّل مسؤوليتهم في هذا المجال.

وعلّق المكني، على نتيجة استفتاء الرأي بأن 95% من المشاركين في الاستفتاء يعتبرون أن الثقة مفقودة بين الشعوب وحكوماتهم، بأنها غير مفاجئة، وإن كانت تختلف بين دولة وأخرى بحسب نسبة الفساد أو الديكتاتورية التي يعيشون في ظلّها.

وذهب محمد أبو حامد شاهين إلى "أن الشعب بعد الثورات بات مستعداً للمشاركة الجماعية، وأن له دورا في تغيير الفساد الحاصل". وأوضح "بعد التغريب الكامل عن قضايا وطنهم الأساسية، من أجل تأمين احتياجات، وجد المواطن نفسه معنياً بالشأن العام". ودعا "إلى ضرورة تعرّف أبناء المجتمع الواحد إلى بعضهم قبل التعرف إلى حكوماتهم، من أجل إنتاج علاقة سليمة بين الطرفين".