تواصلت الاشتباكات أمس في محيط ميدان التحرير الذي يشهد اعتصاما لأنصار القوى المدنية احتجاجاً على إصدار الرئيس المصري محمد مرسي لإعلان دستوري وسع من سلطاته. ولمواجهة أي تطورات محتملة قررت السلطات إقامة جدار أسمنتي جديد في شارع القصر العيني للفصل بين المتظاهرين وقوات الأمن. وأصبح هذا الشارع الذي تقع به المؤسسات الحيوية مركزاً للاشتباكات، حيث تبادل المتظاهرون ورجال الشرطة الرشق بالحجارة لفترات طويلة من ليل أول من أمس. وفي الساعات الأولى من صباح أمس بدأت قوات الأمن في بناء الحائط الخرساني تحت غطاء من الغاز المسيل للدموع لإبعاد المتظاهرين عن موقع البناء، مما أدى إلى سقوط عشرات المصابين. وفي الوقت الذي أخلت فيه النيابة سبيل 29 من المتهمين في أحداث القصر العيني ومحمد محمود، شهد محيط السفارة الأميركية بالقاهرة اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، فيما شهد شارع القصر العينى تجددا للاشتباكات بين الجانبين.

إلى ذلك أعلنت وزارة الداخلية في بيان أمس أن عدد المصابين وسط قواتها جراء الأحداث الأخيرة ارتفع إلى 164 مصاباً شملوا 28 ضابطاً وشرطيا و134 مجنداً.

فى سياق متصل قالت الرئاسة المصرية في بيان أمس إنها ملتزمة بالحوار مع "كافة القوى السياسية" للتوصل إلى توافق عام على الدستور، وشدَّدت على "الطبيعة المؤقتة" للإعلان الدستوري الذي يوسع سلطات الرئيس محمد مرسي. وقالت "هذا الإعلان ضروري من أجل محاسبة المسؤولين عن الفساد، إضافة للجرائم الأخرى التي ارتكبت أثناء النظام السابق والفترة الانتقالية".

في غضون ذلك بدأت الخلافات تدب وسط صفوف القضاة، فبينما دعا نادي القضاة في ختام أعمال جمعيته العمومية الطارئة أول من أمس جميع القضاة والنيابات إلى الدخول في إضراب شامل بسبب القرارات الأخيرة، دعا مجلس القضاء الأعلى جميع القضاة إلى الاستمرار في العمل. وقال إن الإعلان الدستوري الذي يحصن قرارات الرئيس من الطعن عليها أمام القضاء يجب أن يقتصر على "الأعمال السيادية" فقط. كما دعت حركة "قضاة من أجل مصر" إلى عدم الالتزام بدعوات الإضراب مؤكدة أن القضاة سيواصلون عملهم وسيشرفون على استفتاء الدستور.

من جهة أخرى اندلعت مشاجرات أمس بين مؤيدين ومعارضين للإخوان أثناء جمعية عمومية طارئة لنقابة الصحفيين للرد على "تجاوزات في حق حرية الصحافة من قبل الحكومة والجمعية التأسيسية للدستور"، وشهد الاجتماع جدلاً واسعاً بعدما قال إخوانيون إن النصاب القانوني للجمعية غير مكتمل وفق لوائح النقابة، مما أثار جدلاً عنيفاً وساخناً أدى إلى توقف الجمعية بانتظار حضور المزيد من أعضائها. كما دعت نقابة السينمائيين إلى وقفة حاشدة اليوم اعتراضا على القرارات.

من جهتها أعلنت جماعة الإخوان المسلمين نقل التظاهرة المليونية غدا إلى الميدان الواقع أمام جامعة القاهرة.

بدوره أعلن النائب العام المقال عبد المجيد محمود أنه سيطعن أمام الجهات القضائية ضد قرار إحالته إلى التقاعد، وقال إن الإعلان الدستوري وما تمخض عنه من قرارات "باطل وفي حكم العدم".

وللخروج من الأزمة تقدمت الهيئة الاستشارية للرئيس المصري باقتراحين في محاولة للتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، أولهما إضافة عبارة للمادة الثانية التي تحصن قرارات الرئيس، بحيث تجعل هذه الحصانة مقصورة على اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور، والثاني إصدار مذكرة تفسيرية تحدد مجالات الحصانة بما يضمن عدم التدخل في أعمال السلطة القضائية. وأشارت مصادر مطَّلعة إلى أن الهيئة لم تستبعد في الوقت ذاته احتمالات اللجوء للاستفتاء الشعبي.