لا بأس أن تكون شاباً متحمساً تستهويك فكرة فتدفعك العاطفة ويقودك الحماس لتبنيها. فالأفكار السياسية تزدهر في قلوب الشباب وفكرهم، وقد سبقك في هذا الوطن الناصريون في الخمسينات والستينات عندما كانوا يرون التقدم مربوطا على متن دبابة، وأن الوحدة العربية والأنظمة الجمهورية هي الخلاص.

مرت الناصرية والانقلابات بكوارثها على كل دولها، وعاد الناصريون السعوديون تحت سقف وطنهم وشاركوا في بنائه وأصبحوا رجال دولة مهمين. لا بأس إذا أن تغتر بفكرة ثم تعود للواقع، خصوصاً في وطن متسامح مثل السعودية.. ولكن أن تكون داعية أو اقتصاديا أو أستاذ جامعة أو إعلاميا فأنت إذا تقود الرأي العام، وتغرد من 2011 وتسقط وتلمح وتصرح أن ثورة ربيعية هي حلمك في السعودية وعندما يناقشك أحد في عز الربيع عن مضار الثورات وإمكانية الإصلاح تنهره وتصنفه، وتسخر معرفك لإعادة تغريدات تشيد بأنظمة ما بعد الربيع وتتمنى أن نحذوا حذوها، وعندما تبدأ علامات الفشل بدلاً من أن تعتذر بشجاعة تعود لتبحث عن قضية تعلق عليها آمالك الخائبة؛ فأنت مخادع.. ولكنك تخدع نفسك، لأن وسيلة التحريض هي وسيلة التسجيل، ولأن الناس أذكى من أن يخدعوا مرتين.

عجبي لمن كان يقدس نار بوعزيزي ويتجاهل الآن نار الخذري! وعجبي لمن بشر السعوديين بثمار الربيع في دول أخرى وعندما تبين عفنها صمت..! كيف تعتنق فكرة وتبشر بها وتجر مجتمعك الآمن لها.. ثم فجأة تمحوها من مفرداتك في أشهر! يعذر بعض الشباب ولا يعذر المحرضون.. إلى هؤلاء المحرضين: اعتذروا لمن غررتم بهم أو انقلوا حقيقة الربيع لمتابعيكم.. ماذا لو انتقل الربيع وسالت الدماء.. تحية للمصلحين الأقوياء الذين عندما جاء الربيع أكدوا أن لهذا الوطن ثوابت.. لا مساس بها.. لا نفاق أو بطولات.. ر ب ي ع.. ث و ر ة.. حذفت أحرف.. وعاش وطن..