يفتتح معهد العالم العربي فرعا له في شمال فرنسا، في خطوة هي الأولى بعد خمسة وعشرين عاما من التأسيس لمد نشاطه خارج العاصمة الفرنسية باريس منذ افتتاحه، وتعزيز مبادرات حوار الثقافات والحضارات، الذي أعلنته المملكة منذ سنوات ، وتبنته الأمم المتحدة .

مدينة "توركوان" شمال فرنسا التي تقترب من الحدود الفرنسية/ البلجيكية لا يستبعد أن تعرف المدينة التي يعيش فيها ما يقرب من المئة ألف نسمة وتتحول من مدينة مغمورة إلى مدينة لاتقف شهرتها عند صناعة النسيج التي عرفت بها منذ الثورة الصناعية التي شهدتها أوروبا في القرن 19،بعد باحتضانها لأول فرع لمعهد العالم العربي الذي تمكن خلال ربع قرن من احتلال مكانة كبيرة بوصفه أحد أهم المراكز الثقافية الفرنسية/ العربية وكملتقى للحوار بين الشرق والغرب والتعريف بالحضارة العربية تراثا ومعاصرة، مما أهله لأن يكتسب منذ سنوات لقب "سفارة العرب في أوروبا".

افتتح المعهد فرعه الأول الجديد على مساحة 800 متر مربع بعد تحويل مصنع للنسيح إلى مقر له. وينقسم هذا المقر إلى قاعة لاحتضان المعارض واللقاءات، وآخر من أجل تدريس اللغة العربية والتعريف بها.

يذكر أن المشروع نجم عن تعاون بين المعهد الذي يحتفي طوال هذا العام بالذكرى 25 لتأسيسه، وبلديتي "توركوان" و"روبي" وبإشراف من المجلس الإقليمي لمنطقة "نوربات كاليه" الذي كان وراء فكرة "تصدير" المعهد إلى شمال فرنسا، على غرار متحف بومبيدو بمدينة "ماتز"، ومتحف اللوفر الشهر المقبل بمدينة "لينس".

وترسخت هذه الفكرة بعد النجاح الكبير الذي حققته معارض "الفراعنة" في 2007 و"بونابرت ومصر" في 2009 في المنطقة ذاتها، حيث عُرضت وجهتا نظر الغرب والعرب وهنا تكمن أهمية افتتاح الفرع وثراء الفكرة وبحسب رئيس المجلس الإقليمي لمنطقة "نوربات كاليه" الذي قال لـ " الوطن" : من المهم تدعيم مؤسسة قادرة على تقديم نموذج قادر على صهر الحضارة العربية بالفرنسية والأوروبية، خصوصا في الظروف الحالية التي تستدعي حوارا حقيقيا بين شعوب العالم. وكشف كاليه عن أن زعيمة حزب الجبهة الوطنية لليمين المتطرف مارين لوبن قد عارضت فكرة انشاء الفرع بشدة، مما دفع بعضهم إلى الجزم بأن افتتاح هذا الفرع هو رد فعل عملي على ما يحمله اليمين المتطرف من أفكار وإثبات أن التبادل الثقافي بين الشعوب قادرعلى تجاوزالكثير من الخلافات التي تنشأ عن بعض المواقف والأحداث السياسية.

إلى ذلك من المنتظر أن يكون معهد العالم العربي حاضرا العام المقبل في مدينة مارسيليا التي ستغدو عاصمة للثقافة 2013، ويؤكد بعض القائمين على شؤون المعهد على أنهم سوف يعيدون التجربة في مارسيليا حيث سيكون هناك مقر خاص للمعهد في هذه المدينة المتوسطية التي تعد بالفعل مركزا لالتقاء الحضارات والشعوب. فالمعهد منذ إنشائه، بحسب مديرة المعهد " السعودية " منى خزندار : قبل ربع قرن على ضفاف نهر السين هو كيان ثقافي فريد من نوعه في العالم الغربي لأنه يهتم بنشر الثقافة العربية والتعريف بحضارتها، كما أنه في الوقت ذاته وسيلة فعالة للدبلوماسية الثقافية بالنسبة للعرب للتعريف بأنفسهم خصوصا في الوقت الحاضر حيث ترتبط صورتهم بالعنف والإرهاب والتطرف، وكذلك بالنسبة لفرنسا التي تحتضنه على أراضيها وتمول وزارة خارجيتها جزءا من ميزانية المعهد.

يذكر أن المعهد يستضيف طوال العام شخصيات قيادية وإبداعية متيحا الالتقاء بينهم وبين الجمهور في فرنسا، وإدارة حوارات ثقافية وعروض إبداعية فنية، وسبق لرئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل زيارة المعهد وعقد لقاء فيه.