هنا في زوايا مختلفة بين جغرافية العروس بجدة، تتراكم ما يمكن تشبيهها بـ"حالات الإزعاج" الأسري،التي تقع خلفها هذه المرة الورش الصناعية والكهربائية الصغيرة التي تتخذ من العمائر والبنايات السكنية مقرا لأعمالها.

أمام إحدى البنايات في ضواحي حي السلامة بالجزء الشمالي من جدة، كان منظر غرمان الحربي يوحي بشيء من "عدم الرضا"، وهو يقف إلى جانب باب العمارة التي يسكن فيها منذ نحو العام ونصف تقريبا بالدور الأول منها، ويقع تحتها عجلاتي وورشة كهرباء سيارات، اقتربنا منه وسألناه عن هذه الورش، فقال على الفور إلى "الوطن" وبشكل مباشر، "من يحاسب أصحاب هذه البنايات في شروط السلامة الشاملة للسكان"، ويضيف: "تقدمت بشكوى صريحة لصاحب البناية بإغلاق هذه الورش، لأنها غير مطابقة لشروط السلامة، فأخبرني أنه لا يملك من الأمر والمسؤول عن بنايته مكتب عقار خاص، ولا يهمه هو سوى تحصيل مبالغه السنوية".

وبالرجوع من الناحية التنظيمية، وجد أن أصحاب البنايات أو من ينوب عنهم من وكلائهم الشرعيين أو مكاتب العقار التي تدير أملاك الغير وتتجه نحو تأجير محلاتها تخالف لائحة اشتراطات السلامة وسبل الحماية الواجب توافرها في المباني السكنية والإدارية"، والتي تتعلق بأمور السلامة العامة والحماية المدنية ومتطلبات مكافحة الحرائق.

في الأحياء الجنوبية من جدة تكثر هذه الظاهرة، ففي بعض الأحياء كالكندرة والنزلة حصلت حرائق في بعض الورش أدت إلى أضرار جسيمة في تلك العمائر، مما سبب قلقا كبيرا لدى الأهالي، حسب حديثهم إلى "الوطن"، وبعد محاولاتهم التي لم تنجح في إقناع صاحب العمارة بضرورة إغلاق هذه الورش وتأجيرها لقطاع تجاري رفض ذلك وأصر على موقفه، وقام بعضهم في تحويل سكناه لمناطق بعيدة خوفا على أطفاله.

"حالات الإزعاج" تحديدا تتربع على نظرة الأهالي لهذه "الورش"، إضافة إلى زحام السيارات حول محيط العمارة جراء زبائن هذه الورش، لذا يشير عبدالله المحمد وهو موظف في القطاع الأهلي في أنه عندما يمرض أحد أبنائه أو زوجه يقوم بتنويمهم عند أهل زوجته نظرا للإزعاج الشديد الذي يلاقيه المرضى من تلك الورش.

يمكن الخروج بمطلب يمثل قاسما مشتركا بين الأهالي (المواطنين والمقيمين) الذين التقتهم "الوطن"، هو مطالبة أجهزة الدفاع المدني بالتدخل الفوري لإغلاق ورش العمل "جبرا" لأنها تعرض الساكنين إلى خطر نشوب الحرائق بين لحظة وأخرى، باعتبار الإيجار مخالفا للشروط الآمنة.

من الناحية القانونية يرى المحامي فهد السامري أنه باستطاعة المتضريين من هذه الورش من "السكان" رفع دعوى قضائية أمام المحاكم الشرعية، والمطالبة بتعويضات مالية نظير مخالفات أصحاب العمائر بتأجير ورش تختلف أنشطة عملها، وقال السامري "إنه كلما ارتفعت درجة خطر الورشة من ناحية السلامة على السكان كانت الموافقة على قبول الدعوى واردة من الجهات القضائية"، وطالب السامري الأهالي بضرورة تفعيل مطالبتهم بإغلاق "ورش العمائر".