سعت كل من حماس، وإسرائيل على إظهار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة على أنه انتصار كبير لها، إلا أن مراقبين قالوا: إن الأهم الآن هو كيفية مساعدة هذا الاتفاق على الصمود، خاصة ما يتعلق بترتيبات فك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة التي ما زال مبهما.

وخرج عشرات الآلاف الفلسطينيين إلى الشوارع في قطاع غزة حتى الساعات الأولى من صباح أمس؛ للتعبير عن ابتهاجهم بوقف العدوان والانتصار على إسرائيل، في وقت خرج فيه عدد من المسيرات في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ابتهاجا بهذا النصر.

وعكست مواقف المحللين الإسرائيليين شعورا بالخيبة من أن العملية العسكرية الإسرائيلية أبقت الأوضاع على ما هي عليه في قطاع غزة، وإن كانت الحكومة الإسرائيلية بحثت عن نصر مزعوم بادعائها تحقيق الأهداف التي جرت من أجلها هذه العملية، التي خلفت دمارا كبيرا في غزة، وأسقطت أكثر من 161 شهيدا و1221 جريحا على مدى 8 أيام لم يعرف فيها الفلسطينيون في غزة طعم النوم.

وقالت مصادر غربية، إن تأكيدات الرئيس الأميركي باراك أوباما على رفضه عملية برية إسرائيلية ضد قطاع غزة، ووجود تفاهمات سرية أميركية-إسرائيلية على منع تهريب السلاح إلى غزة بالتعاون مع مصر، دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى قبول الاتفاق، الذي رأى فيه الكثير من المحللين انتكاسة لنتنياهو مع قرب الانتخابات العامة الإسرائيلية، وإن كان بقي دون منافس حقيقي في الانتخابات المقررة في 22 ينايرالمقبل.

وأكد رئيس الوزراء المقال في غزة إسماعيل هنية، رضاه لاتفاق التهدئة الذي تم التوصل إليه، ووصفه بالانتصار للشعب الفلسطيني.

بدوره قال نتنياهو: "منذ يوم تأسيسها وقفت دولة إسرائيل أمام تحديات معقدة في الشرق الأوسط، ونرى جميعا في السنوات الأخيرة أن هذا التعقيد ازداد كثيرا. وفي هذه الظروف يتوجب علينا أن نقوم بملاحة سفينة الدولة برشد وبمسؤولية، ونحن نأخذ في الحسبان جميع الاعتبارات، العسكرية والسياسية على حد سواء. هكذا تتصرف حكومة مسؤولة وهكذا تصرفنا هذه المرة، مارسنا القوة العسكرية مع التصرف برشد سياسي".

ورأت التحليلات الإسرائيلية أن "النجاح الأهم لهذا الاتفاق بالنسبة لنتنياهو هو تعزيز تحالفه مع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ووزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، وترميم علاقاته التي شابها الكثير من التوتر في الأشهر الأخيرة مع أوباما.

ومع ذلك فقد أشار استطلاع للرأي العام الإسرائيلي نشره التلفزيون الإسرائيلي أن 70% من الإسرائيليين يعارضون التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

وقال رئيس هيئة الأمن القومي يعقوب عميدرور، إنه تبين في أعقاب عملية "عمود السحاب" أن افتراضين مسبقين كانا خاطئين، أولهما: أن إسرائيل لن تحظى بتأييد واشنطن، والثاني: أنها لن تحظى بتعاون مصري".

وعلى ذلك فقد قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق وزعيم حزب "كاديما" المعارض شاؤول موفاز إن "اتفاق وقف إطلاق النار هو انتصار لحماس. لم يتم تحقيق أهداف إسرائيل ولا يوجد هدوء في جنوب إسرائيل، وإسرائيل خرجت أضعف من هذه العملية العسكرية".