أصبح "منبه الجوال" كل شيء في حياة الموظف فهد عسيري، فهو الشيء الوحيد الذي يذكره بمواعيده المختلفة، حتى احتياجاته اليومية يتعرف عليها من خلاله، حتى البسيطة منها، كضرورة جلب غرض ما للمنزل، أو بموعد برنامجه المفضل، مشيرا إلى أنه يسجل في مذكرة الجوال أشياء غريبة مثل مكان بعض أغراضه الشخصية المهمة كيلا ينساها.

يقول عسيري "بسبب النسيان مررت بمواقف محرجة كثيرة ، فأحيانا ألتقي بأشخاص، وبعد أن يلقى علي التحية بحرارة، أكتشف أنني لا أعرفه، فأحاول تذكر اسمه فلا أستطيع، وأتحرج كثيرا من سؤاله، فأسأل نفسي .. "من هو؟ أو من أين يعرفني؟ أو أين التقينا من قبل؟" .

وهكذا تمر بنا جميعا بصورة يومية مواقف نسيان كثيرة لأشياء متعددة، دون أن نجد سببا لتشتت أذهاننا الذي دفعنا لنسيانها، وقد يقع بعضنا في مواضع حرجة مع بعض لنسيان أشياء متعلقة بهم، فقد يدخل أحدنا غرفة من منزله، وينسى السبب الذي دفعه لدخولها، أو قد يعود إلى المنزل للبحث عن مفاتيح سيارته، أو جواله، وهي في جيبه، أو يعتزم التحدث بشيء لأحدهم فينساه بمجرد انتباه محدثه له، ومن النساء من تنسى وضع شيء على النار لطهوه، فلا تنبهها إلا رائحة احتراقه، كل هذه المشاهد اليومية تنبئ بوجود حالة من النسيان أو ما يسمى "فقدان الذاكرة القريب" الذي يمر بها معظمنا.

ويضيف سالم الشهراني "نادرا ما تجد شخصا لا يشتكي من النسيان، ومن مواقف عجيبة يقع فيها بصورة يومية بسببه، ومن المواقف المحرجة التي تحصل معي دوما نسياني لباقي النقود لدى البائع بعد المحاسبة، أو محاسبتي عن غرض ما مرتين، أو نسيان اسم شخص ضاع رقمه من هاتفي عند اتصاله، أو نسيان موعد قدوم ضيف ما تم الاتفاق معه مسبقا على زيارته".

أما سعيد النهاري فيعاني من شكل آخر من النسيان، يقول "أعاني من النسيان وقت الامتحان فعلى الرغم من استذكار المنهج بصورة جيدة ما أن أجلس على طاولة الاختبار حتى أنسى كل شيئ".

عن هذه الحالة يقول الاستشاري النفسي والمدرب الدولي في مجال الطاقة الحيوية الدكتور شريف الأسلمي إن "الذاكرة لها قسمان الأول "قصير المدى"، وهي تحتفظ فيه بالأمور اليومية وفقدانه يكون بنسيان الأشياء قريبة الحدوث، والثاني بعيد المدى، وفقدانه يكون بنسيان أشياء حدثت منذ وقت بعيد، وهي تستوعب كمّاً هائلاً من أحداث حياة كلّ منا، وكثيرا من الخبرات المكتسبة لكل منا".

وأضاف أن "هناك أسبابا متعددة لمشكلات ضعف الذاكرة البسيط، ومنها ما هو مرضي كوجود قصور في الغدة الدرقية، أو نقص في بعض فيتامينات الجسم كفيتامين ب 12 ، وهو مسؤول عن حماية الخلايا العصبية، كما أن للحالة النفسية دورا كبيرا في النسيان، وضعف الذاكرة، كالإصابة بالاكتئاب، أو وجود ضغوط عصبية يومية على الشخص، كذلك توجد أسباب بيئية كوجود عناصر وسموم في البيئة يستنشقها الإنسان وتؤثر على ذاكرته".

وعن الحل لهذه الأعراض التي قد تؤثر على تفاصيل يومنا أضاف الدكتور الأسلمي "يوجد بعض الطرق التي يمكن من خلالها تعويض ضعف الذاكرة البسيط أو النسيان، لكن من الضروري مراجعة الطبيب في حال تكرار مثل هذه الحالات من النسيان بشكل ملحوظ ومتكرّر، ومن تلك الطرق الحرص على تدوين الملاحظات الخاصّة بالمواعيد المهمة، والمهام المطلوبة، وجداول العمل، وأرقام الهواتف تحسبا لعدم إيجادها عند الحاجة، أو نسيانها تماما، والحرص على وضع المتعلّقات التي نستخدمها بشكل مستمر كحافظة النقود، وساعة اليد، والمفاتيح في مكان ثابت لا نقوم بتغييره".

وأوضح أنه "بالإمكان في حال وضع الشيء في مكان لم نعتد وضعه فيه، أن ننظر إليه جيداً، وننطق اسمه بصوت عال، أو ندون مكان وضعه في ورقة نحملها معنا، والحرص على ضبط ساعة المنبّه في الجوّال للتذكير بالمواعيد المهمة والمهام اليومية، وعدم تشتيت النفس، بالتركيز على عمل شيء واحد في وقت واحد، كما ينصح بالقيام بأنشطة ذهنية مختلفة، ولو كان يلعب ألعاب الذاكرة المتاحة الآن بكثرة، أو الألعاب التي تتطلب مجهودا ذهنيا مثل الشطرنج وغيرها".