حدد بحث ميداني مواضع الخلل في تعثر المشروعات الحكومية في المملكة، مرجعا التعثر إلى أسباب عدة، من بينها ضعف التخطيط والرقابة والدراسات والتصاميم، وعدم تحديد نطاق العمل وتقدير التكاليف والإمكانات المادية للمقاول، مطالبا بإعادة النظر في صياغة مواد وإجراءات اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية تفاديا لترسية المشروعات الحكومية على المقاول الأقل سعرا وليس الأفضل فنيا.

ودعا كل من مدير إدارة البرامج المالية بمعهد الإدارة العامة الدكتور عبدالكريم العطيوي وعضو هيئة التدريب في قطاع الإدارة الهندسية بالمعهد المهندس إبراهيم العثيمين في البحث الذي حصلت "الوطن" على نسخة منه، إلى ضرورة زيادة وتعزيز الاعتمادات المالية المخصصة للمشروعات الحكومية، والالتزام بتطبيق دراسات الهندسة القيمية على جميع المشروعات وتدريب وتأهيل الكوادر في المجالين الفني والتطبيقي للهندسة القيمية.

وتضمن البحث الميداني لـ"واقع إدارة المشروعات الحكومية في المملكة" والمقدم من معهد الإدارة العامة، نتائج تفيد بأن الواقع لا يعكس مستوى الطموحات المرجوة، مبيناً أن ما ينفذ من مشروعات في القطاع الحكومي يواجه قيودا في الوقت والمال والقدرة الفنية والإدارية لتنفيذ وإنجاز هذا الحجم الهائل من المشروعات.

وأوضح البحث الميداني أن إنجاز المشروع لا يعني نجاحه، حيث تبين أن هنالك معوقات تنظيمية وإدارية ومالية وفنية للمشروعات الحكومية تؤدي إلى تعثر بعض المشروعات الحكومية والإخلال بالجودة المطلوبة، لافتاً إلى أن ذلك يعكس عدم الرضا من قبل المستفيد وعدم ملاءمة بعض المشروعات الحكومية للخطط التنموية والطموحات المرجوة.

وأرجع البحث من خلال استطلاعه أسباب ما يحدث من تعثر في بعض المشروعات الحكومية إلى ضعف التخطيط والرقابة والدراسات والتصاميم وعدم تحديد نطاق العمل وتقدير التكاليف والإمكانات المادية للمقاول والاعتمادات المالية والمقاولين والاستشاريين، بالإضافة إلى عدم تطبيق المنهجية العلمية لإدارة المشروعات وتطبيق إدارة المشروعات التقليدية أو قلة خبرة العاملين في المشروعات.

ويرى البحث أن المقاول هو السبب الرئيسي في تأخير الكثير من المشروعات، مستدركا أن المقاول يعد طرفا رئيسيا من أطراف أخرى للمشروع كالاستشاري والمالك ممثلة بإدارة المشروعات التي تدير المشروع من البداية حتى النهاية، في حين يزعم البعض أن من أهم أسباب تعثر بعض المشروعات الحكومية عدم توفر إدارة مؤهلة للمشروع، لذلك لا يمكن أن يتم تجاهل دور إدارة المشروعات في نجاح أو تعثر أي مشروع.

وأوصى البحث بضرورة توجيه مخرجات التعليم والابتعاث للعمل في مجال إدارة المشروعات والإشراف عليها بما يسد الاحتياج العام للجهات الحكومية، بالإضافة إلى تأهيل وتدريب العاملين بإدارات المشروعات من خلال إلحاقهم ببرامج تدريبية تتوافق مع حاجة العمل في إداراتهم.

وتضمنت التوصيات أيضا، توفير بيئة العمل المشجعة للمهندسين العاملين بإدارات المشروعات من خلال استحداث كادر خاص للمهندسين بما يتوافق مع طبيعة وظروف عملهم المهنية، وضرورة إنشاء هيئة مركزية تشرف على المشروعات الحكومية، نظرا لما أظهرته النتائج من غياب التنسيق بين الجهات الحكومية وازدواجية التنفيذ بين المشروعات الحكومية، بحيث يكون دور الهيئة الاهتمام بالمشروعات من إشراف ومتابعة وتنسيق بين الجهات الحكومية وذلك للحد من التعثر أثناء التنفيذ.

ومن الأدوار الموصى بتكليف الهيئة بها بحسب توصيات البحث، وضع التشريعات الخاصة بالمشروعات الحكومية من صياغة للأنظمة واللوائح والإجراءات الموحدة للمشروعات الحكومية ووضع المعايير والمواصفات والشروط العامة لتنفيذ المشاريع، بالإضافة إلى ضرورة وجود قاعدة بيانات موحدة تشمل المشروعات الحكومية ومراحل الإنجاز، كذلك جميع المقاولين والمكاتب الاستشارية بحيث يسهل الرجوع لها في أي وقت.

وأظهرت النتائج التي توصل إليها البحث أن المقاول هو الطرف الأكثر تأثيرا في تعثر المشروعات في مرحلتي التنفيذ والإنشاء، ولمعالجة هذا الخلل أوصى البحث بإعادة النظر في إحراءات وضوابط وتصنيف درجات المقاولين وتضامنهم، بالإضافة إلى إعادة النظر في ضوابط تنفيذ المشروعات الحكومية من قبل مقاولي الباطن، وذلك للحد من تعدد مقاولي الباطن وتفاديا لتداخل المسؤوليات بين المقاولين والحد من المنازعات التي تؤدي إلى توقف عمل المشروع إضافة إلى ضبط جودة التنفيذ.

ومن الحلول الموصى بها أيضا عدم إعطاء المقاول مشروعات حكومية متعددة تفوق إمكانياته الفنية والبشرية، بالإضافة إلى تسهيل إجراءات وزارة العمل فيما يخص توفير الكوادر البشرية بمختلف تخصصاتها للعمل على تنفيذ المشروعات الحكومية بما يتوافق مع التوجه العام لسعودة الوظائف في الشركات والمؤسسات، وذلك لسد حاجة المقاولين من الكوادر الفنية والبشرية المؤهلة.