ما إن أظهرت أرقام الإحصاءات العامة والمعلومات، مؤشر تكلفة المعيشة لشهر أكتوبر الماضي الذي سجل ارتفاعا بـ3.2%، حتى أطلق مختصان اقتصاديان تحذيرات من دخول المملكة في دائرة الركود، مطالبان باتباع سياسة الترشيد في الإنفاق الحكومي.

وفي البيان الشهري لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات حول مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة، فقد سجل المؤشر لشهر أكتوبر الماضي وفقا لسنة الأساس 2007، مقارنة بنظيره من العام السابق ارتفاعا بنسبة 3.2% فيما بلغ مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة في ذات الشهر 123.9 مقابل 123.3 لشهر سبتمبر الذي سبقه وفقا لسنة الأساس 2007.

وأوضحت المصلحة في بيانها، أن مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة في أكتوبر الماضي عكس ارتفاعا في مؤشر أكتوبر بنسبة 0.5% مقارنة بمؤشر شهر سبتمبر وذلك للارتفاع الذي شهده 11 قسما من الأقسام الرئيسية المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة في مؤشراتها القياسية.

أمام ذلك قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة الفلالي، أن التضخم واجه العالم ككل ما نتج عنه الركود الذي تشهده أوروبا، مضيفا "أن أخشى ما أخشاه أن يقودنا هذا التضخم إلى الركود ذاته"، مبينا أن ارتفاع الأسعار سيصل إلى مرحلة البعض من فئات المجتمع لن يتمكن من شراء احتياجاته اليومية، مستدركا بـ"أننا وبذلك سندخل في حلقة من حلقات الركود".

وأضاف الفلالي أن الإنفاق الحكومي لا بد أن يكون أكثر رشدا وأن يمتد لسنوات طويلة، لافتا إلى أن ارتفاع معدلات التضخم في السنتين الماضيتين كان من مسبباته ضخامة الإنفاق العام.

وبين الفلالي أن الاستثمارات الزراعية للشركات السعودية في الخارج تتجه لمستقبل ناجح، مؤكدا ضرورة التوسع في الاستفادة من الدول الزراعية لإنتاج الشعير وغيره من المواد الغذائية الأساسية التي وقف شح المياه في المملكة دون زراعتها محليا.

ويرى الفلالي أنه لا بد من دعم المواد الغذائية الأساسية من الدولة للحد من ارتفاع معدلات التضخم، مضيفا أن السياسة النقدية في المملكة يجب أن تساعد في تسهيل الائتمان والقروض للمشروعات الاستثمارية، الأمر الذي من شأنه زيادة المعروض من السلع والخدمات التي ستأخذنا إلى انخفاض الأسعار.

من جهته توقع الخبير الاقتصادي فضل البوعينين، أن تستمر تكلفة المعيشة في الارتفاعات طالما بقيت الأوضاع المالية والنقدية على ما هي عليه، مبينا أن الاستمرار في الإنفاق الحكومي التوسعي يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المعيشة وارتفاع نسبة التضخم إضافة إلى تأثير السياسة النقدية السلبي في السيطرة على التضخم المحلي لا أسباب مرتبطة بمحدودية المناورة للسياسة النقدية السعودية.

وأضاف البوعينين أن الإنفاق الحكومي التوسعي يفوق قدرة الاقتصاد على استيعابه، بالإضافة إلى أن الشركات المحلية تعجز عن تنفيذ مشروعات التنمية في وقتها المحدد لعدم قدرتها على التنفيذ، لافتا أن هذا يمد في أمد المشروعات ويساعد في استمرارية ارتفاع تكلفة غلا المعيشة محليا.

ويعتقد البوعينين أن تكلفة المعيشة الحقيقية تفوق بمجملها المؤشرات المعلنة خاصة في قطاع الغذاء والإيجارات والعقار بشكل عام، مستدركا أنه ومن أهم الحلول للحد من ارتفاع التضخم هو ضبط السياسة المالية واستخدام أدوات السياسة النقدية للسيطرة، مضيفا أنه "لا يمكن أن نركز على النمو الاقتصادي بمعزل عن السيطرة على التضخم".

وأستبعد البوعينين وجود سياسة واضحة لتوفير الأمن الغذائي في المملكة، مبينا أنه لا يمكن توفير الأمن الغذائي إلا من خلال 4 محاور أساسية، تتمثل في الخزن الاستراتيجي للسلع الأساسية بما يكفي الاستهلاك المحلي لعامين قادمين، بالإضافة إلى توفير مالا يقل عن 50% من الاحتياج الكلي محليا من خلال الزراعة والصناعة.

وأضاف البوعينين أن ثالث تلك المحاور هو الاستيراد من الخارج وفق عقود آجلة تغطي مدة عام كامل بما يضمن توفر السلعة وثبات أسعارها لمدة عام، وأخر تلك المحاور هو الاستثمار في قطاع الزراعة والصناعات الغذائية في الخارج التي لا تزال المملكة في بدايتها في هذا الجانب.

ورصد التقرير ارتفاعا في قسم التعليم بنسبة 1.4% وفي قسم الأغذية والمشروبات بنسبة 1.0% وفي قسم الملابس والأحذية بنسبة 1.0% وفي قسم الصحة بنسبة 0.9% وفي قسم المطاعم والفنادق بنسبة 0.9%.

كما شهد قسم تأثيث وتجهيزات المنازل وصيانتها ارتفاعا بنسبة 0.8% وقسم السلع والخدمات المتنوعة بنسبة 0.3% وقسم التبغ بنسبة 0.2% وقسم الاتصالات بذات النسبة، وقسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى وقسم النقل بنسبة 0.1%، فيما بقي قسم الترويح والثقافة عند مستوى أسعاره السابق ولم يطرأ عليه أي تغير نسبي يذكر.

ورصد التقرير ارتفاعا في قسم التبغ بنسبة التبغ 8.5% وفي قسم النقل بنسبة 5.9% وفي قسم الملابس والأحذية بنسبة 5.8% وفي قسم المطاعم والفنادق بنسبة 5.1% وكذلك سجل ارتفاعا في قسم الأغذية والمشروبات بنسبة 4.8% وفي قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 2.5% وفي قسم الصحة بنسبة 2.3% وفي قسم التعليم بنسبة 1.4%.

كما حقق قسم الترويح والثقافة ارتفاعا في شهر أكتوبر الماضي بنسبة 0.9% وقسم تأثيث وتجهيزات المنزل وصيانتها وقسم السلع والخدمات المتنوعة ارتفاعا بذات النسبة 0.8%، فيما سجل قسم واحد من الأقسام المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة انخفاضا في مؤشره القياسي وهو قسم الاتصالات الذي تراجع بنسبة 0.1%.

وأشار التقرير إلى أن مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر أكتوبر وفقا لسنة الأساس 1999 بلغ 143.6 مقابل 142.6 لشهر سبتمبر الذي سبقه ويعكس ذلك ارتفاعا في مؤشر شهر أكتوبر بنسبة 0.7% قياسا بمؤشر شهر سبتمبر.