تواصل أسرتان بمحافظة صامطة منذ 3 سنوات مطالبتهما بالتعويض وفقا لنظام نزع الملكيات العامة بعد اختيار أمانة جازان لموقع إسكان الخارش داخل أراضيهما حسب قولهما.
وفي برقية وجهت لوزير الشؤون الاجتماعية من الديوان الملكي ونسخ منها وجهت للداخلية والشؤون البلدية والقروية وللمالية والعدل نصت على "أما ما يتعلق بموقع الخارش فترى اللجنة إصدار صك على الموقع المخصص لمؤسسة الملك عبدالله لوالديه للإسكان التنموي، والتعامل مع ما ذكره كاتب العدل من وجود بعض الادعاءات على هذه الأرض بموجب مقتضيات الأمر رقم 24651 وإذا ثبت وجود صكوك مكتملة الإجراءات الشرعية والنظامية على مواقع داخل الأرض المخصصة فيتم تعويض أصحابها وفقا لنظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة".
بداية المعاناة
مكثت "الوطن" خمسة أشهر في استقصائها عن هذه القضية، حصلت خلالها على عدد ضخم من الوثائق والمستندات المتعلقة بمطالبات المواطنين حيث قال ورثتا يحيى علي سهلي وهادي أحمد طالبي "عشنا فصولا من المعاناة حول إثبات شرعية وسلامة صكوك أراضينا، فهي أولا تقع خارج الأرض الحكومية المعروفة مساحتها بالـ8 ملايين متر مربع، وأراضينا ليست داخل هذه المساحة التي حددها الأمر السامي رقم 2439 لكن مشروع الإسكان التنموي بخبت الخارش خصصت أرضه داخل أراضينا ونحن لسنا ضد تنفيذ المشروع فالمشروع يجري تشييده لكننا لا نطالب إلا بتطبيق نظام نزع الملكية".
"الوطن" وقفت على أرض خبت الخارش شمال محافظة صامطة جزء منها حكومي وتنفذ بها حاليا مشاريع تنموية وتم تخصيص عدة أراض بها للمصالح الحكومية وصدرت بها عدة أوامر سامية منها الأمر السامي رقم 2439 في 20/ 2/ 1409 الذي حدد مساحة أرض خبت الخارش الحكومية بـ8 ملايين متر مربع والجزء الآخر صدر فيه الأمر السامي رقم 24651 في 21/ 10/ 1403 الذي جاء فيه "أما من يدعي بملكية خاصة فيحال إلى المحكمة لإخراج حجة استحكام له حسب التعليمات".
مفاجأة
خطاب صدر من إمارة جازان برقم 19506 وتاريخ 21/ 5/ 1431 جاء فيه "الصك رقم 93 وتاريخ 21/ 3/ 1409 باسم هادي أحمد طالبي ملغى بموجب قرار مجلس القضاء الأعلى رقم
922/2 وتاريخ 26/ 12/ 1424، وجميع تلك الصكوك تقع داخل خبت الخارش الحكومي الذي تم تحديده من أهالي الخبرة".
وبعودة "الوطن" لقرار مجلس القضاء رقم 922/2 اتضح أن ذلك القرار لم يلغِ الصك بل ألغى حكما لمحكمة صامطة بإلغاء الصك والتهميش عليه بعد صدوره.
حيث نص قرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة على التالي "وما احتج به فضيلة مصدر الصك من القرار رقم 5/3 في 2/ 1/ 1414 الصادر من مجلس القضاء الأعلى احتجاج في غير محله، والمحضر الذي احتج به مصدر ذلك الصك لا يعتبر قضية مسلمة وبناء على ما سبق من الملاحظات في القرار السابق، ولتمسك القاضي بحكمه ودعوى حصول منفعة عامة في بقاء موضوع النزاع على حاله قبل المنهي أمر غير لازم، وعامة المدن والقرى كانت لها محارم مراعي ومحاطب.. ولتمسك مصدر الصك بما صدر منه فإن مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة يقرر نقض حكمه والتهميش عليه وعلى ضبطه وسجله بذلك".
تأكيدات أخرى
ووجه رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء برقية لوزير العدل ونسخة منها لوزارة الشؤون البلدية والقروية جاء فيها "بشأن استخراج هادي طالبي حجة استحكام من محكمة صامطة برقم 93 عام 1409 على أرض بخبت الخارش صدقت من محكمة التمييز وحيث تضمن خطاب رئيس مجلس القضاء الأعلى أنه وبعد دراسة متكررة من قبل المجلس بهيئته الدائمة أصدر بشأنها القرار رقم 922/2 في 1424 المتضمن نقض الحكم الصادر من رئيس المحكمة المكلف والتهميش عليه وعلى ضبطه وسجله بذلك، نأمل اتخاذ اللازم في ضوء قرار مجلس القضاء الأعلى".
من جهتهم تساءل ورثة هادي طالبي عن الأسباب التي تقف خلف كتابة الإمارة بإلغاء الصك على الرغم من وضوح قرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة؟.
وضوح
كشفت وثائق حصلت "الوطن" عليها عن معلومات مهمة وردت في خطابات ما بين وكيل إمارة المنطقة وأمين المنطقة ورئيس بلدية صامطة، حيث بين خطاب من الأمين لوكيل المنطقة برقم 41484 في 20/ 9/ 1432 التالي "إشارة لخطاب سعادتكم رقم 10947 بشأن الصك الصادر لورثة يحيى علي سهلي على أرض بخبت الخارش، وقد تضمنت برقية نائب وزير الداخلية بأن وزير العدل يرى بناء على ما رأته اللجنة المختصة بوزارته إن كانت حجة الاستحكام صدرت على أرض تقع فيما صدر فيه الأمر السامي بعدم إخراج حجج الاستحكام وهو خبت الخارش فتعرض الحجة على المحكمة العليا ويشار إلى الأمر السامي الذي يمنع إخراج حجج الاستحكام للمواطنين بهذا الموقع.. وطلب سعادتكم تزويدكم بمصور جوي واضح منزل عليه جميع الصكوك التي تم استخراجها من محكمة صامطة.. عليه نفيدكم بأنه تمت مخاطبة رئيس بلدية صامطة وتم الرد بخطابهم المتضمن الآتي، أولا: إن جميع الصكوك الصادرة في خبت الخارش الحكومي صادرة في الجزء المسموح النظر فيه استنادا للأمر السامي رقم 24651 والذي جاء فيه: أما من يدعي بملكية خاصة فيحال إلى المحكمة لإخراج حجة استحكام له حسب التعليمات.
ثانيا: الجزء الصادر به الأمر السامي رقم 2439 القاضي بعدم النظر فيه والمعروف بالثمانية ملايين متر مربع فهذا الجزء لم تصدر فيه صكوك للمواطنين بل تم تخطيط جزء منه للمنح وتم توزيعه، والباقي خصص لبعض المرافق الحكومية كما هو موضح بالمصور الجوي.
ثالثا: تم تنزيل جميع الصكوك على المصور الجوي موضحا فيه رقم الصك وعائدية ملكيته".
غير واضحة
رد وكيل إمارة المنطقة على خطاب الأمين بالتالي "نعيد لكم خطابكم وكامل مشفوعاته بشأن الأرض الحكومية الصادرة بشأنها أوامر سامية وأحكام تقضي بثبوت حكوميتها إلا أنه تم منح بعض المواطنين صكوكا داخل خبت الخارش المشار إليه وقد تضمن خطابنا تزويدنا بمصور جوي واضح.. إلا أنه من خلال المصورات الجوية اتضح عدم وضوحها وعدم اشتمالها على كامل الصكوك والمخططات التي تم تخصيصها ضمن أرض خبت الخارش" فرد الأمين بخطاب رقم 1888/33 في 10/ 1/ 1433 جاء فيه "عليه نفيد سعادتكم بأنه تمت مخاطبة رئيس بلدية صامطة وتم الرد بخطابهم رقم 4818/22 المتضمن استكمال المطلوب علما بأن هذه الصكوك صادرة في مشمول الأمر السامي رقم 24651 أي في الجزء المسموح النظر فيه بتملك المواطنين.
مفاجأة الحذف
بعد ثلاثة أشهر من مطالبة الأمانة لبلدية صامطة بعمل مصور جوي واضح ومنزل عليه جميع الصكوك التي تم استخراجها من محكمة صامطة تمكنت "الوطن" من الحصول على خطابين من أمانة المنطقة حملا نفس رقم الصادر19266/33 في 28/ 3/ 1433 حيث يطالب الخطاب الأول بلدية صامطة بإيضاح نقاط ثلاث لكنه عدل بعد ذلك بحذف النقطة الثالثة التي يرى ورثة السهلي أنها تدعم مطالبهم وتوضح تناقض الأمانة، والنقاط الثلاث هي: "أولا: الإفادة صراحة عن موقع الأرض الخاصة بورثة يحيى سهلي وهل موقعها مشمول بالأمر السامي رقم م 788/م ب أم لا؟ والقاضي بعدم التصرف في أي من ضواحي المدن والقرى الرئيسية.. ومدى معاملة المذكور وفقا للتعميم رقم 52773 بخصوص الحيز العمراني للقرى التي لم تشملها دراسات النطاق العمراني المعتمدة حتى عام 1450، ثانيا: تحديد مجاري الأودية والسيول على التصوير الجوي وفي حالة عدم وجودها يذكر ذلك صراحة في خطابكم. ثالثا: تنزيل الموقع على التصوير الجوي موضحا فيه موقع الأرض والصكوك الصادرة في موقع خبت الخارش المسموح النظر فيه والجزء غير المسموح النظر فيه المعروف بالثمانية ملايين بموجب الأوامر السامية".
سر الحذف
قال ورثة السهلي "حين أصدرت الأمانة خطابها الأول تنبهت إلى أن وجود الفقرة الثالثة ستثبت للجهات المسؤولة أن صكنا المصدق من محكمة التمييز والمؤيد من المحكمة العليا قد صدر في الجزء المسموح النظر فيه في خبت الخارش فسارعت إلى إصدار خطاب آخر بنفس الرقم والتاريخ حذفت منه النقطة الثالثة، فهل تسعى الأمانة لحرماننا من حقنا في التعويض وهي التي أقرت في خطابها رقم 41484 في 20/ 9/ 1432، أن جميع الصكوك الصادرة في خبت الخارش الحكومي صادرة في الجزء المسموح النظر فيه استنادا للأمر السامي رقم 24651 والذي جاء فيه: أما من يدعي بملكية خاصة فيحال إلى المحكمة لإخراج حجة استحكام له حسب التعليمات، وأن الجزء الصادر به الأمر السامي رقم 2439 القاضي بعدم النظر فيه والمعروف بالثمانية ملايين متر مربع فهذا الجزء لم تصدر فيه صكوك للمواطنين بل تم تخطيط جزء منه للمنح وتم توزيعه، والباقي خصص لبعض المرافق الحكومية والاستثمار".
تناقض
استغرب ورثة السهلي والطالبي كيف تطلب الأمانة من بلدية صامطة تحديد مجاري الأودية لمعرفة ما إذا كانت تخترق أرضنا أم لا؟ وتساءلوا: هل نسيت الأمانة أن أرضنا تقع داخل الأرض التي خصصتها لمشروع إسكان النازحين؟ فكيف اختارت لمشروع إسكان الخارش موقعا دون أن تتأكد من وجود أودية به؟ وهل ستزيل الوحدات السكنية التي اكتمل إنشاؤها الآن إن اكتشفت أن الموقع يضم أودية ومجاري للسيول؟ وأضافوا أن الأمانة بذلك تناقض نفسها فهي تعلم أن الأرض خالية من مجاري الأودية بناء خطاب سابق لها برقم 8822 في 20/ 2/ 1432، وجهته الأمانة لكتابة عدل محافظة صامطة لإنهاء تخصيص الأرض لمشروع الإسكان (حصلت الوطن على نسخة منه) أكدت فيه الأمانة بالقول "الأرض خالية من الشواغل والملكيات والأودية والشعاب وليست بمجاري السيول"، فلماذا تسعى الأمانة لوضع عراقيل في طريق حصولنا على التعويض النظامي والحرمان من الأرض؟.
تحفظ
بادرت "الوطن" بإيصال تساؤلات المواطنين لأمانة منطقة جازان لإيضاح رأيها حول عدد من النقاط في خطاب أحالته الأمانة لبلدية صامطة التي ردت على الأمانة بخطاب مطول في إجابتها عن أسئلة "الوطن" لكن الأمانة اكتفت في ردها على تساؤلات "الوطن" بخطاب مقتضب جدا لم تضمنه رد بلدية صامطة عليها، جاء فيه "نفيدكم بأن الأمانة تتحفظ على الإجابة؛ لكون الموضوع منتهيا بأوامر سامية وقرارات لجان مشكلة" حيث لم يوضح الخطاب ما نصت عليه تلك الأوامر السامية ولا قرارات اللجان المشكلة.
مفاجأة الـ23 مليونا
توجهت "الوطن" في خطاب لإمارة المنطقة بجملة من الاستفسارات حول القضية، حيث نفى وكيل الإمارة الدكتور عبدالله السويد في رد مختصر صحة ما كانت أكدته بلدية صامطة من أن جميع الصكوك صدرت في الجزء المسموح به، إلى جانب نفيه ما أقرته بلدية صامطة من أن صكوك المواطنين لم تصدر في الجزء الممنوع التملك به والمعروف بالـ8 ملايين متر، مؤكدا أن خبت الخارش المُبيّض مساحته 23 مليون متر مربع وأن الـ8 ملايين جزء من الـ23 مليون متر بناء على أوامر سامية، إلا أن وكيل الإمارة لم يُبيّن ما أقرته الأوامر السامية كما نفى إلغاء الإمارة لصك الطالبي.
العدل ترفض
وتمكنت "الوطن" من الحصول على خطاب لرئيس كتابة عدل صامطة وجهه لوكيل وزارة العدل برقم 839 في 23/ 10/ 1433 جاء فيه "الأمر السامي رقم 2674 في 7/ 5/ 1432 بخصوص إفراغ المواقع المخصصة لإسكان الخارش.. وبين الخطاب الأسباب التي حالت دون الإفراغ للمؤسسة وهي: وجود صكوك داخل المساحة المخصصة للإسكان كالصك 20/3 المملوك لورثة يحيى علي مصلح سهلي المصدق من محكمة التمييز والمؤيد من المحكمة العليا والمؤيد من المقام السامي إلى جانب الصك رقم 93 المملوك لهادي أحمد طالبي، وأكدت كتابة عدل صامطة بالقول "يتضح لنا أن بلدية صامطة متناقضة في ذلك فتارة نجدها لا تعترف بشرعية تلك الصكوك وتارة تستولي على أجزاء من مساحة هذين الصكين وتدخلهما ضمن مساحة الإسكان وعليه مُنع أصحاب تلك الأراضي من الانتفاع بها".
اشتراط "العدل"
خطاب كتابة عدل صامطة أكد بالقول "لم ولن نتأخر في إفراغ المشاريع التنموية وسنجعل له أهمية بالغة ولكن متى ما كان مستكملا للإجراءات النظامية وليست لنا مصالح لتأخير أو تعطيل مثل هذه المشاريع، فديننا يحثنا على طاعة ولاة الأمر حفظهم الله وطلبنا باستكمال الإجراءات النظامية يعتبر تنفيذا لتلك التوجيهات السامية.
تنفيذ التوجيه
بناء على خطاب من محافظة صامطة برقم 3202 في 18/ 5/ 1433، وجه لأمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر جاء فيه "الأمر السامي رقم 2674 تضمن أنه من ثبتت ملكيته بموجب صكوك شرعية مكتملة الإجراءات فيتم تعويض أصحابها وفقا لنظام نزع الملكية.. وحيث اعترض محمد يحيى علي سهلي على المشروع بحجة أن الأرض مملوكة من قبله ولم يتم الفصل بحقها أو تعويضه ماليا، وإذا رأى سموكم مخاطبة مؤسسة الملك عبدالله لوالديه للإسكان التنموي حيال تعويضه"، حيث وجه أمير منطقة جازان على الخطاب بالتالي "وكيل الإمارة، الأمر السامي الكريم واضح فيطبق على المواقع المتداخلة مع المشروع التنموي" ولا تزال مطالبة ورثة كل من السهلي والطالبي قائمة حتى تاريخه وطالبوا عبر "الوطن" بتدخل الجهات العليا المختصة للتحقيق في هذه القضية.