تشكل الحواجز العسكرية الكثيرة وإغلاق نصف الشوارع في دمشق التي شهدت سلسلة تفجيرات دامية خلال الأشهر الأخيرة، معضلة أساسية لسائقي سيارات الأجرة في العاصمة السورية الذين يقاومون أجواء الحرب من أجل كسب قوت العيش. ويقول أبو محمد (60 عاما) "ما هو تعريف سائق الأجرة الجيد في أي بلد من العالم؟ هو شخص يعرف الطرق المختصرة والأزقة والشوارع ذات اتجاه السير الواحد التي تسمح له بإيصال زبونه إلى مقصده في أقصر وقت ممكن". إلا أن أبا محمد الذي يقود سيارته الصفراء منذ عام 1980 يشكو اليوم من أن "خبرتي لم تعد ذات فائدة حاليا لأن ثمة حواجز جديدة تقام كل يوم، وأكثر من نصف الشوارع لا سيما الصغيرة منها، باتت مقفلة أمام حركة السير، مما يؤدي إلى ضغط سير في الشوارع الرئيسة".
ويعمل في العاصمة السورية نحو 30 ألف سيارة أجرة، أضيفت إليها بضعة آلاف من حمص وحلب ودير الزور، يقودها سائقون هربوا من العنف في مدنهم وهم مضطرون للعمل لتوفير حاجات أسرهم. ويقول سائق الأجرة المخضرم أبو نضال إن "المسار الذي كنت أنجزه في عشر دقائق، بات يتطلب مني نصف ساعة على الأقل، وفي زحمات السير أستهلك المزيد من الوقود. قبل تقطيع شوارع المدينة، كنت أكسب شهريا 25 ألف ليرة سورية (340 دولارا)، في مقابل 14 ألف ليرة حاليا".
ووضعت حواجز من الإسمنت في كل الشوارع المؤدية إلى الوزارات والمؤسسات العامة والمراكز الأمنية وحتى بعض الفنادق، كما أقفلت ساحة السبع بحرات الشهيرة في العاصمة أمام حركة السير بشاحنات صهاريج خوفا من تفجير انتحاري يستهدف المصرف المركزي. يضاف إلى ذلك انتشار كثيف لحواجز أجهزة الأمن أو "اللجان الشعبية" المؤلفة من سكان أحياء موالية للنظام يقومون بتفتيش السيارات والتأكد من هويات المارة. ويشكو أبو ليلى (30 عاما) الذي بدأ بمزاولة هذه المهنة منذ ستة أعوام، من أن "مشكلتنا أننا غالبا موضع شك في عيني النظام كما في أعين المقاتلين المعارضين". ويضيف "النظام يشك بنا لأنه يعتبر أن الكثير من سيارات الأجرة سرقت بغرض تفخيخها". ويؤكد أبو حسن أنه لا يغامر بعيدا من وسط المدينة "لأن قذيفة يمكن أن تدمر سيارتي، أو قد يستولي سارقون على السيارة، أو قد أتعرض للضرب من أحد طرفي النزاع".