في خطوة جديدة هي الأولى من نوعها في تاريخ منظمة التعاون الإسلامي، لمواجهة موجات "المجاعات" التي ضربت عددا من الدول أعضاء المنظمة في القارة السمراء خلال الأعوام الماضية، وافق مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي الذي يختتم أعماله اليوم في جيبوتي، على إنشاء جهاز للأمن الغذائي في العاصمة أستانا، وهو الاقتراح الذي تقدمت به جمهورية كازاخستان،

وحث المجلس الدول الأعضاء في المنظمة والبنك الإسلامي للتنمية ومؤسسات المنظمة الأخرى إلى المساهمة في إنجاح مهام الجهاز الجديد.

خبراء متخصصون في الأمن الغذائي أشاروا في تصريحاتهم إلى "الوطن" أن قرار إنشاء الجهاز – وإن كان متأخرا بعض الشيء على حد قولهم - يعد خطوة حيوية مهمة تحمل دلالات تتعدى مفهوم الأمن الغذائي، إلا أنهم أكدوا على مرتكز مهم وهو كمية التحديات الكبيرة التي ستواجهها "التعاون الإسلامي" في أفريقيا لانعدام الوضع الصعب في مقومات توفير البنية التحتية الغذائية وهي أكثر المواضيع سخونة أمام جهاز "التعاون الإسلامي" الجديد.

الباحث في دراسات الأمن الغذائي من القاهرة عبدالمنعم عطية أشار إلى أن مجموع التحديات التي سيواجهها الجهاز في قارة أفريقيا تتعلق بأن أسباب "انعدام" الأمن الغذائي في أفريقيا متعددة ومعقدة، وتشمل فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز، وتغير المناخ والتردي البيئي والجفاف والفيضانات والنزاعات والانفجار السكاني ونظم الحكم السيئة والانهيار في الخدمات العامة والديون، والتنمية غير المستدامة، وغياب استراتيجيات دول أعضاء المنظمة الأفريقية الأكثر فقرا في التصدي لمعالجة آثار مخاطر انعدام الأمن الغذائي في بلدانهم التي تفوق قدراتهم الذاتية.

وتوقعت الدراسات المتخصصة في تقديرات الأمن الغذائي الأفريقية والمؤتمرات العالمية التي جرت خلال العام الجاري، ارتفاع عدد الأشخاص الذين سيعانون من انعدام الأمن الغذائي، وتوقع آخر مؤتمر دولي عقد في يونيو الماضي باسم (قمة ريو+20) بالبرازيل ارتفاع عدد الأشخاص الذين سيعانون من انعدام الأمن الغذائي في أفريقيا حتى 2020 لنحو 500 مليون شخص".

من جهته طالب مجلس وزارء خارجية "التعاون الإسلامي" المنعقد في جيبوتي مؤسسات المنظمة المعنية بوضع برامج لبناء القدرات في القطاعين العام والخاص، في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي والتحديات الصحية وتدهور القدرات البشرية والمؤسسية.

جهات داخل "التعاون الإسلامي" التي تضم بين دفتيها 57 دولة عربية ومسلمة تتحدث من جهتها أن الأفراد الأقل فقراَ حول العالم وفقا لتقديرات الهيئة الدولية "الأمم المتحدة" ينتمون لبعض دول أعضائها الأفريقيين وهم الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار أميركي، وتربط المنظمة في استراتيجيتها العلاجية الحالية بين "برامج مكافحة الفقر" وتوفير الأمن الغذائي. الجهاز الجديد جاء بدلا من مبادرة قدمت خلال العام الجاري كانت تهدف إلى إنشاء "اتحاد منظمة التعاون الإسلامي للصناعات الزراعية"، بهدف توفير الاحتياطات اللازمة للأمن الغذائي في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي.

ويرى خبير الأمن الغذائي طه إسماعيل أن الأسباب العميقة للأزمات الغذائية وانعدام الأمن الغذائي الناجم عنها معقدة ومترابطة فيما بينها ما يستوجب استثمارات أكثر شمولية وكثافة إذا توفرت هناك فعلا إرادة للتغلب على مشاكل انعدام الأمن الغذائي في أفريقيا، مؤكدا على ضرورة تغليب الحد من الفقر بهدف تحسين الوضع الغذائي الشامل والارتقاء بالتنمية في البلدان الأفريقية. ودعا في هذا السياق لتركيز عمليات مكافحة انعدام الأمن الغذائي أكثر على زيادة الإنتاج الغذائي وخلق مصادر دخل زراعية وغير زراعية في المناطق الريفية والحضرية الفقيرة.

ويذكر موقع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في مبادرة الأمن الغذائي على وجه الخصوص جنوب الصحراء في الدول الأفريقية، مؤكدا أنها ستكون أكثر أقاليم العالم تضررا من هذا الوضع، لأن الأمن الغذائي مهدد فيها باستمرار نتيجة الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية والتأثيرات الخارجية ونقص البنى التحتية الملائمة والضرورية.