شهدت الساحة الفنية في مصر خلال السنوات القليلة الماضية، ظاهرة غريبة توقف عندها النقاد، وهي ميلاد نجم سينمائي فجأة ودون مقدمات، حتى وإن لم يكن له سجل فني حافل. في الوقت نفسه أكد نقاد أن المنتجين واختلاف نوعية الجمهور مؤخرا، أوجدا هذه النوعية من النجوم، والتي سرعان ما يأفل نجمهم؛ كونهم ظهروا فجأة، ومن ثم الاختفاء فجأة أيضا هو المصير المحتوم.
وشهدت السنوات العشر الماضية مولد عدد من النجوم السينمائيين لمعوا في سماء الفن مثل: محمد سعد، وأحمد حلمي، وعلاء ولي الدين، وأشرف عبدالباقي، وكان آخرهم محمد رمضان بطل فيلم "عبده موتة"، الذي حقق أعلى الإيرادات، ولكن منهم من استمر في نجاحه، وواصل مسيرته الفنية، بل وأضاف إلى تاريخه، فيما سقط البعض الآخر، وعاد إلى نقطة "الصفر" بعد أن أفل نجمه "فجأة" مثلما ظهر "فجأة".
وقال الناقد الفني الدكتور رفيق الصبان لـ"الوطن"، أن نجوم السينما في هذه الأيام من صنيعة المنتجين، على العكس من نجوم السينما في الخمسينات والثمانينات، الذين كانوا من صنيعة الجمهور، إضافة إلى براعتهم الفنية، وأهمية ما يقدمونه من فن.
وأضاف أنه من السهل مولد نجم سينمائي من خلال فيلم واحد فقط، ولكن من الصعب أن يستمر في نجوميته، فالنجومية ليست فيلما، أو تحقيقا لأعلى الإيرادات، وإنما هي "صك" يحصل عليه الفنان من الجمهور، ومع اختلاف نوعية الجمهور وأذواقه مؤخرا، بات من السهل خروج نجم سينمائي كل ساعة، ومن ثم فإن ابتعاده عن الأنظار واختفاءه لن يحتاج إلا ساعة أيضا.
من جهتها أكدت الكاتبة والمؤلفة ماجدة خير الله، أن "الثورة جاءت لتغيير العقليات القديمة إلى الأفضل، إلا أننا فوجـئنا بنتـائج عكـسية سواء على الصعيد السياسي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، مشيرة إلى أن كل هذه المتغيرات أصابت صناعة السينما بالشلل التام، والنتيجة الحتمية لكل هذا الانهيار إنتاج أفلام بلا طعم، أو لون، أو هدف، وإسناد بطولتها لأي ممثل، حتى وإن لم تنطبق عليه شروط النجم.
وأضافت أنه "ونظرا لتغير الجمهور، وفي ظل العوامل التي طرأت على تركيبة المجتمع مؤخرا، خاصة بعد الثورة، ظهرت أفلام مُسفة تعتمد على الهلس والعنف من أجل نسيان الحياة البائسة في الشارع المصرى، ودخلنا عصر الفوضى في الذوق العام"، لافتة إلى أنها أرض خصبة لجعل أي فنان "نجما".
إلى ذلك توقع الناقد الفني مصطفى الكردوسي، عدم استمرار هذه النوعية من النجوم طويلا، مستندا في ذلك إلى محمد سعد، الذي ظل طوال خمس سنوات مضت نجم الشباك الأول، إلى أن اختفى وتوارى وراء أعمال لم يذكر منها الجمهور سوى اسمه فقط على "الأفيش"، وفي المقابل نجح أحمد حلمي، الذي كان ظهوره متزامنا مع سعد، إلا أن حلمي نجح في الحفاظ على مكانته الفنية، بل واستمر في إضافة المزيد، الذي سيسجل ضمن تاريخه الفني، وما زالت أفلامه تحقق أعلى الإيرادات حتى الآن.
ويـقول المـخرج محـمد فاضـل: "مع التـغير الهـائل الذي حدث للمجتمع المصري، وما طرأ على سلوكيات الأفراد، اسـتغل المنتجون هذا التغير، ولكن للأسوأ، في حين كان من المفترض استخدامه للأفضل، من أجل تقويم، وإعادة ترتيب المفاهـيم والسلوكيات التي تهدمت. وأشار إلى أن المنتجين وجدوا من البلطجة، والعنف، والمخدرات، والاغتصاب، أرضا خصبة يحققون من ورائها أموالا طائلة. فساد العنف، والمخدرات، في السينما، وحتى في الدراما، لضمان جذب شريحة أكثر من الجمهور، وهم في الغالب المراهقون، بخلاف جمهور الثمانينات وما قبله، حيث كانت العـائلات والأسر تصر على مشاهدة الأفلام للنجوم التي يحبونها.
وأكد فاضل، أن ظاهرة النجم سريع الانتشار لا تستند بالضـرورة إلى نجـاح، وإنما للظروف التي ساعدته، ومـنها: المنتجون الذين يبـحثون عن الربح، والجمهور معظـمه من الشباب المراهقين؛ ليـقدموا أفـلاما بلا هدف أو فـكرة تتـلاشى بسـرعة البرق، ومعها أبطالها.