في كل عام ينتشر في مثل هذه الأيام وتزامنا مع العام الهجري الجديد بعض الالطقوس التي اعتاد عليها الكثير من الأفراد والأسر، والتي قد يكون البعض منها يبعث على الاستغراب، والبعض الآخر يحمل قي طياته الفكاهة. وفي محصلتها إرباك للأسر وخسائر مالية فادحة تستهدف جيوب البسطاء.

ومن بين هذه العادات والسلوكيات التي تتراوح بين الغريبة والطريفة، أنه لا بد أن يكون في بداية العام الهجري على الشخص شرب الحليب، وأكل أطباق معينة من الخضروات، وارتداء أنواع معينة من الثياب ذات الألوان البيضاء، وتتحمل هذه الأسر الالتزام بالقيام بهذه الأفعال من باب تأصيل هذه المعتقدات لدى أفرادها.

يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام بالرياض الدكتور عبدالله علي المباركي، أن قيام البعض من الأسر بعادات وتقاليد مع بداية العام الهجري الجديد، لم تكن من العادات المتوارثة والمعهودة بين أفراد الأسر بالسعودية، بل اعتاد عليها البعض من أفراد المجتمع لأسباب أسرية، حيث لم تكن هذه الأمور التي يقوم بها البعض من تراث الآباء والأجداد في مجتمعاتنا، بل هي مكتسبة من تخالط بعض الأسر ببعضها الآخر.

وأشار المباركي إلى أن تبادل رسائل أجهزة الهواتف المحمولة التي تحمل نصائح في اتباع سلوكيات غريبة تزامنا مع دخول العام الهجري الجديد، إنما تعتبر من الاعتقادات غير المتعارف عليها بالمملكة، وقد تكون نتيجة تراث أسري أو ثقافي خاص لأسر معينة جاءت من دول عربية، وذلك لتعرض المنطقة الغربية لزيارات عدد من الجنسيات المختلفة، وبعضها استقر بالمنطقة وأقام بها وأصبح من أبنائها، وبعض الأسر التي زارت المنطقة الغربية صاهرت أسرا أصيلة بالمنطقة فتكونت شبكة اجتماعية جديدة لها عاداتها وتقاليدها، خاصة في ظل موجات الزوار في مواسم الحج والعمرة.

واعتبر ذلك من البدع التي ابتكرها الناس، ولا تتعلق بتراث وعادات اجتماعية وأسرية، موضحا أن هذه الاعتقادات أقرب إلى التطير والتشاؤم، اللذين نهى عنهما نبينا صلى الله عليه وسلم، لذلك لا بد من عدم اتباع الرسائل التي تتداول بين فئات المجتمع مع اقتراب دخول العام الهجري فيما تحمله من اتباع اعتقادات وسلوكيات خاطئة، قد تخدع عددا من الأسر في اتباع أمور ليس لها علاقة في الواقع، متسائلا ما أدراهم أن سنتهم القادمة ستكون سيئة حتى يبدؤون العام الهجري بمثل هذه الأفعال المضحكة؟!.

وأكد المباركي أن استقبال العام الهجري برسائل التهنئة عبر أجهزة الجوال ومواقع التواصل الاجتماعي لا تمنع من دخول أجواء السعادة وتقوية الصلة بين الأصدقاء وأفراد المجتمع، مشيرا إلى أن من الأفعال المتعارف عليها في كافة المناسبات سواء الأعياد أو بداية العام الهجري، هو تبادل رسائل التهنئة وكلمات الدعاء بين الأشخاص بطريقة بعيدة عن البدع.

من جهته، يقول الداعية سعد يوسف آل رافع، إنه يوجد عدد من الأفعال والمعتقدات التي لا تتصل بالدين وليس لها مرجع، ويقوم بها عدد من أفراد المجتمع مع بداية العام الهجري، وهناك من يروج لهذه الاعتقادات، حيث تظهر في بداية العام الهجري السلوكيات المستغربة من البعض، من لبس الأبيض، وشرب الحليب في أول يوم، مؤكدا أن ذلك من البدع وتقليد الغرب، في حين تستهدف كل هذة المعتقدات الخاطئة هدر الأموال بشكل كبير والتبذير.

من جهته يرى العم سالم عطالله، من سكان حارة المظلوم أنه مع بداية العام الهجري في آخر ليلة من العام ودخول العام الجديد، اعتدنا كل عام في تجهيز بعض المشروبات التي يتم تناولها في مطلع صباح العام الجديد، منها شرب القهوة الحلوة بالمكسرات، إلى جانب قيام بعض الأمهات بصناعة طبق الملوخية، اعتقادا منهن أن تكون أيام أفراد الأسرة تبدأ بخضرة يرافقها التوفيق في كافة أعمالهم.

وتشاركه الرأي صفية العمودي، من سكان البغدادية أن الأسر الجداوية تحرص على تناول وجبات أطباق الملوخية والخضروات الخضراء مع بداية العام الهجري الجديد، ولم تقتصر على ذلك، بل تحرص أيضا على شرب الحـليب الذي تقوم بتجهيزه الأسر ليلة بداية العـام الهجري الجديد، موضحة أن هذه الأفعال تعتبر من التقاليد القديمة، التي تدل على حرص الكثير من الأشخاص على اتباعها، خاصة بالمنطقة الغربية.