عندما يجتمع الرجال لكي يلعبوا لعبة "البلوت" الشهيرة في مجتمعنا، لا تجد النساء من شيء يفعلنه سوى أن يخاطبن الحيطان وحدهن، الأمر الذي دعا عددا من الزوجات إلى تمنّي معرفة لعب هذه اللعبة، أو السر وراء إدمان أزواجهن لها.
فما تفعله "أم رياض" حين يجتمع الأقارب لديها فيما يسمى بالدورية اليومية أو الأسبوعية، هو أن تضع يدها على قلبها في كل مرة تسمع أصوات الرجال تتعالى في المجلس أثناء لعبهم لـ "البلوت" الذي يدمنه رجال عائلتها؛ خوفا من أن تكون سببا في أن يتشاجروا، أو في هجران بعضهم بعضا، وتقول "عندما تتعالى أصواتهم ينتابني بعض الخوف كون زوجي مريضا بالسكر، وتنتابه حالة من العصبية لأدنى الأسباب"، مضيفة بأنه على الرغم من مساوئ هذه اللعبة، إلا أن لكل قاعدة شواذ، فقد أصبحت سببا رئيسيا في تجمع العائلة خلال الإجازات الرسمية والأسبوعية، مستدركة بأنها أحيانا لا تجد سوى الجلوس وحدها، ومخاطبة الحيطان إذا اجتمع الرجال في لعبها.
ويحكي أبو رياض قصته مع هذه اللعبة، ويؤكد أنها أصبحت من أهم متطلبات الاجتماع، فالأمر بالنسبة له أصبح هواية واشتياقا وعلى الرغم من محاولاته المستميتة في تركها إلا أنه يعود إليها مجبرا كون جميع من تربطه بهم صلة قرابة أو صداقة مدمنين لها، وحول ما إذا كانت هذه اللعبة سببا في نشب الخلافات الشخصية أو تعطل للمصالح العامة كون شرطا من شروطها أن يكون هناك تنافس بين أطراف اللعبة وتحد، بيّن أبو رياض أنها فعلا كانت سببا في تفرقة كثير من المعارف؛ إلا أنها في يوم من الأيام كانت سببا أيضا في إعادة المياه إلى مجاريها بعد خلاف دام خمس سنوات بين أخوين؛ كانت هي ذات اللعبة التي فرقت بينهما.
أما "أم حمزة " فتمنت أن تتعلم لعبة البلوت لتتعرف على أسرار تلك اللعبة التي خطفت زوجها من بيتها ومن أبنائها، حيث يستمر غياب زوجها لساعات الفجر الأولى؛ مما سبب لها حالة من الاكتئاب بسبب أوقات الفراغ التي تقضيها بمفردها بعد نوم أطفالها، وسبب كثير من المشاكل التي أوصلتهم في لحظة ما إلى مرحلة الطلاق.
من جانبه يرى الاختصاصي النفسي بمستشفى الأمير عبدالمحسن بمحافظة العلا أحمد عطاالله العنزي أن لعبة البلوت تخلق جوا من التفاعل والتواصل الاجتماعي، مستدركا بأنها أصبحت تثير كثيرا من المشاكل والخلافات الأسرية والزوجية، وتساعد على نشوء سلوكيات وعادات وألفاظ غير لائقة، إضافة للسهر وتناول كثير من المنبهات دون شعور وربما تزيد من حدة الانفعال والعصبية، مضيفا أنها تساعد في تعلم التدخين، وقال "وربما تساعد في تعاطي مواد أكثر سمية من التدخين من قبل المراهقين والشباب"، وأشار العنزي إلى أنها تساعد في غياب كثير من الرجال عن منازلهم، وهذا الغياب بلا شك هو على حساب الأسرة أو العبادة أو الأعمال المهمة، ويتساءل "كيف يكون حال الأسرة في ظل غياب القائد والمربي؟ وما الأسباب لغيابه، فهل تستحق هذه اللعبة التضحية بتربية الأبناء ومراقبتهم أو تلبية احتياجات المنزل؟".