القضية التي تحمل الرقم 116 والتي جعلت وزارة التربية الكويتية تعلن حالة الطوارئ، والاستنفار في كل مدارسها، وتفاعل معها المجتمع الكويتي من أقصاه إلى أقصاه، هي حالة وفاة طالبة في المرحلة الابتدائية داخل فصلها، في ظروف أشبه ما تكون بالطبيعية حتى الآن، فلم تشر الفحوصات الأولية إلى آثار لكدمات أو جروح ناتجة عن تعنيف، لكن حتى الآن لم يقل الطب الشرعي كلمته الفيصل، لكن احترام وزير التعليم لنفسه ولمنصبه، وشعوره بالمسؤولية تجاه ما حدث، وتقديره لمشاعر ذوي الطفلة المتوفاة والمواطنين، وفداحة الخطب، دفعت به إلى تقديم استقالته، إلى الحكومة، مواجها الموقف بشجاعة بعيدا عن التنصل والتبرير. بل إن هذه الحادثة بدأت بفتح الكثير من الملفات المسكوت عنها، مثل العيادات المدرسية المؤهلة.
وسواء قبلت استقالة الوزير الكويتي أم رفضت من قبل حكومته، فإنها رسالة إلى كل المسؤولين في الدنيا كلها ، تفيد بأن احترام الذات وحفظ مكانتها إنسانيا واجتماعيا، هو أعلى حالات الاحترام، بل إن احترام الذات هو السبيل الأمثل لاحترام الآخرين. فلو استشعر كل مسؤول تفريطه في الأمانة الموكلة إليه، وخشي من لوم ضميره وتعنيفه له، حال حصول تقصير ما، ترى كم مسؤولا في العالم سيستقيل في حوادث احتراق المدارس واختناق الطلاب أو الطالبات وقفز بعضهم من السطوح وموتهم وإصاباتهم بسبب رداءة مقاييس السلامة، وعدم الاكتراث بها؟ وكم مسؤولا سوف يستقيل بعد كل خطأ طبي يودي بحياة مريض دخل ماشيا على قدميه وخرج محمولا إلى مثواه الأخير، أو أصيب بعاهة سوف تلازمه للأبد؟ كم مسؤولا سوف يستقيل بعد كل حادثة على طرق الموت تودي بحياة بشر أبرياء؟ لا شيء من هذا سيحدث، ولن يستقيل أحد، بل سيحمل كل مسؤول مشجبه ويخرج على القنوات الإعلامية، ليعلق عليه أخطاءه وتفريطه، ذلك لأن ضمائر بعض المسؤولين في الغالب، أصابتها لعنة التبلد وموت الأحاسيس، فهي تشعر بكل شيء إلا معاناة من حولها، فالفقراء يجب أن يتناولوا طعاما رخيصا لتجنب غلاء الأسعار، والمتشردون بلا مأوى، يلامون لأنهم يجب أن يعيشوا كل خمسة أشخاص في غرفة واحدة. عندنا تمر المصائب دون أن يرف لأحد جفن، فلا تغير واقعا، ولا تزحزح فاسدا.