يأتي العنوان البريدي على رأس معلومات الهوية والإقامة في دول الغرب والشرق، ومن لا يحمل عنوانا واضحا ورمزا بريديا لمسكنه لا يستطيع أن يتواصل مع الإدارات الحكومية والشركات للحصول على الخدمات والتسهيلات كمواطن أو مقيم.
وهناك جهات تعد كل من لا يحمل عنوانا بريديا صحيحا شخصا مخالفا للأنظمة، ومن يتحايل على القانون ويستخدم بريدا لا يخصه يعرض نفسه لعقوبات كبيرة تصل للسجن.
وفي الوقت الذي صرنا نعتقد فيه أن البريد التقليدي بات جزءا من الماضي، على اعتبار ادعائنا التقدم ببدائل إلكترونية، يظل البريد في العالم المتقدم فعلا جزءا مهما من تركيبة الحياة، مثله مثل الماء والكهرباء والهاتف، بل إنك بدونه لن تحصل على هذه الخدمات أصلا.
لا يوجد شخص يعيش في بلد أوروبي مثلا، لا يحمل رمزا بريديا يخصه، ولا يختلف كثيرا في أهميته عن رقم الهوية الشخصية أو الإقامة القانونية، وعن طريقه يمكن التعرف على عنوان الشخص كاملا بما يحقق الانضباط الأمني واستقلالية الفرد.
والبريد التقليدي لم ولن يكون منافسا للبريد الإلكتروني، بل هو أساس له ومكمل لعمله. وبدون البريد التقليدي لا تكتمل الحكومة الإلكترونية، فالمعاملة التي تخلصها عن طريق الإنترنت، كتجديد جواز السفر مثلا، تصلك برسالة مسجلة على عنوانك البريدي، دون الحاجة للمراجعة.
البريد جزء من المنظومة القانونية التي تسير حياة المجتمع في الثقافات الأخرى، فيما لا يجد اعترافا كاملا به في ثقافتنا المحلية، وبالكاد تجد شخصا يحمل عنوانا بريديا، وتتحمل مؤسسة البريد مسؤولية تخلف الشعب بسبب تخلفها عن رسم خارطة بريدية ترتبط كليا بالخدمات الحكومية والتجارية قبل ارتباطها بعنوان المنزل.