أنا: وش عندك اليوم يا مطفوق؟

مطفوق: موضوع الوجود السعودي والخليجي ما زال يقرقع في صدري. أعتقد أن هذا زمن ثقافتنا وشعرنا وروايتنا وغنائنا وتمثيلياتنا، وحتى أطباقنا الغذائية.

أنا: أنت متحيز وإلا فإن كثيرا من مثقفينا صاروا أعلاما ومعروفين في العالم العربي، بل حتى الكبسة صارت وجبة عربية شعبية مرغوبة.

مطفوق: هذا لا يكفي.. الكبسة اشتهرت لأنها لذيذة، وقد انتشرت بسبب حجم المقيمين من غير السعوديين الذين تعودوا عليها، لكن قائمة طعامنا حافلة بأكثر من الكبسة، لكنها عقدة النقص تجعلنا لا نسوق لأشيائنا.. لما دخلنا المطعم اللبناني أول مرة وذقنا الحمص والتبولة وبابا غنوج قلنا بصوت عال" يا الله"، رغم أن الأكلات الشامية فيها شراكة تركية، ومع ذلك نحن لا نسوق المطازيز والجريش والحنيني والهريسة والعريكة واكتفينا بالكبسة، مع أن قوائم طعامنا حافلة ومنوعة، ومنها قوائم طعام مشتركة مثل المنتو واليغمش.. هذا بالنسبة للأكل أما العطاء الثقافي والفكري فرغم أنهما ربما لا يلتقيان لكننا لم نستطع إيصال ما لدينا من مبدعين.. يا أخي "إحنا" نعرف ونقرأ لأنصاف موهوبين في الشام ومصر وهم لا يكادون يعرفون إلا اسمين أو ثلاثة من مبدعينا في الرواية والشعر والنقد، رغم أن لدينا مبدعا ضخما يفوق في إبداعه وقدراته نصف المبدعين العرب، وأقصد غازي القصيبي، وعندنا محمد العلي والغذامي ورجاء عالم ورجاء الصانع والبازعي وعبده خال، وقبلهم حمد الجاسر ومحمد حسن عواد والحال كذلك مع الفنانين التشكيليين، أما الدراما فكان "طاش ما طاش" الوحيد الذي ربما وصل لأكبر شريحة من العرب وهذا شيء إيجابي، على الأقل "خل" العالم يعرف أن "فينا" خفة دم. بالنسبة للمطربين فلم نستطع خلال سنين تسويق الخبيتي والمجرور والسامري إلا عبر قلة من الأغاني تكاد تحصرها في أصابع اليد الواحدة (مقادير، أبعاد، الرسايل، والأماكن) وقبلهم "يا ريم وادي ثقيف" وبعض طقايق راشد ورابح التي تصلح لما بعد منتصف الليل، هذا مع أن لدينا في الخليج طابورا من المغنين الطربيين وكذلك الملحنين المجيدين مثل صالح الشهري، رحمه الله، وناصر الصالح ويوسف المهنا والقعود وغيرهم.

أنا: "بصراحة يا مطفوق أنا أكره تعصب الآخر ضدنا، بس ها المرة صار فيك من تعصبهم وانكفائك على ما عندك".

مطفوق: "لا مش صحيح، بس لأني أكره النظرة الفوقية لنا من عرب الشمال والأنهار، وأمقت جهلهم بما لدينا، علشان كذا ودي يعرفون أنهم لم يعودوا النموذج الذي كنا نحتذي به قبل 40 سنة، أما الآن فنحن نتطلع للكوري والياباني والإنسان الغربي بنظرات الإعجاب ومحاولة الاحتذاء وما يفل الحديد إلا الحديد يا حبيبي".

أنا: "أخس" والله أثرك رهيب.

مطفوق: على فكرة "رهيب" أحسن أغاني عبد المجيد عبد الله، وحطها مع قوائم الأغاني السعودية أو الخليجية عريضة الانتشار، مثلها مثل مقادير وأبعاد.