في العاشر من مايو القادم نحن على موعد مع فعاليات مهرجان الفيلم السعودي، ولتعود إلى الواجهة الأحاديث والصراعات حول السينما والفن والإبداع في المجتمع السعودي، وليبدأ المتحمسون المؤيدون بسرد إثباتات أحقيتهم، وليعلن المخالفون معارضتهم، وليستمر الجمهور ينتظر ذلك اليوم الذي تخرج فيه الجهات الرسمية بقرارات حاسمة بهذا الشأن.
شخصيا أنا مع وجود دور للسينما في المملكة، فكيف أقتنع بمنطق المخالفين، وقد كانوا يرددون فيما مضى أن القنوات الفضائية هي رجس وغزو فكري، وأصبحوا اليوم مشاركين وبحماس كبير في هذه القنوات، التي من خلالها يعملون على بث رسائلهم التوعوية وأجنداتهم الفكرية للجمهور في أجواء من الحرية المطلقة والاستفادة الإعلانية الكاملة.
السينما مثلها مثل الإنترنت والصحافة والفضائيات، هي كلها وسائل تقوم ببث رسائل يتبناها أصحابها ومن يقف خلف ابتكار محتواها، والجمهور هو من يحدد ما يروق له وما يناسب ذائقته في أجواء من الوعي الكامل لديه بأن من يخرج عن أسس الطبيعة الإنسانية سيرفض ومع الوقت سيموت تلقائيا.
الوصاية هي المشكلة في التعامل مع موضوع السينما في المملكة، فالقول بأنها ستخلق ثقافة دخيلة على المجتمع أدعوه بالتالي للمطالبة بمنع الإنترنت وإنزال أطباق الفضائيات، وليطلب كذلك بمنع المجلات النسائية وإقفال محلات بيع الأشرطة، وليجعل مصدر الإعلام الوحيد هو ما تصدره وسائل الإعلام الرسمية فقط وما تتداوله كتبهم التوعوية.
لا شك في أن أي إنسان يعيش في القرن الواحد والعشرين سيعلم بأن تلك المطالبات قد تجاوزها المنطق المعاش وأصبحت من الماضي السحيق، وبالتالي فالخوف من السينما ودورها يجب أن يتم تجاوزه بالمنطق العقلي لا بالمكابرة ومحاولة التمسك بالرأي لكي تبعث رسالة بأننا ما زلنا هنا.
في بعض الدول المجاورة أصبحت دور السينما من أهم العوامل المستقطبة للسائح السعودي الذي يسافر إليها مع عائلته في كل مناسبة تتاح له ليستمتع بالترفيه البريء وليعيش مع أبنائه في أجواء بعيدة عن محيط المنع والفصل وسياسة (يوم عوائل ويوم عزاب).
لننظر إلى الموضوع بعيدا عن تسّيس الأمور وتحميلها أكبر من حجمها، فالسينما والأفلام وسيلة ترفيهيه وقد تكون تثقيفية، تماما كما الكأس بإمكان أن ترتوي منه ماء وبالإمكان أن يمتلئ بالمنكر.