كأمريكي عربي، أنا أتعاطف مع شيرلي شيرود، المسؤولة في وزارة الزراعة من جورجيا التي أجبرت على الاستقالة من منصبها في الأسبوع الماضي بعد اتهامها زورا بقول عبارات عنصرية معادية للبيض.

لأولئك الذين لا يعرفون الخبر، هذه هي الحكاية:

في 19 يوليو نشر مدون من التيار اليميني فيديو فيه مقطع من خطاب ألقته شيرود خلال عشاء رسمي في جورجيا والتي روت فيه قصة حدثت منذ 24 سنة. كان مزارع أبيض فقير قد أتى إلى شيرود وطلب منها المساعدة وقالت للحضور كيف أنها رفضت طلبه معتقدة أن "نوعه سوف يعتنون به".

لقي الفيديو رواجا وسلط عليه المعلقون الضوء في قناة فوكس نيوز كدليل على العنصرية المضادة التي تتساهل معها إدارة أوباما. بعد ساعات من تحمل هذه الهجمات، وخوفا من أن يؤذي هذا الأمر إدارة أوباما، أجبر وزير الزراعة شيرود على الاستقالة.

عند ذلك فقط انكشفت الحكاية بكاملها. عندما أذيع الخطاب بكامله، تبين أن شيرود روت للحضور هذه الحكاية كجزء من اعتراف بخطأ مؤلم ارتكبته وأجبرها على إعادة النظر بسلوكها وتحمل مسؤولياتها تجاه جميع الفقراء والمحتاجين. في الحقيقة، فقد ساعدت شيرود ذلك المزارع الفقير، الذي تحدث أمام الإعلام الوطني عن عرفانه بالجميل هو وعائلته لشيرود.

بحلول نهاية الأسبوع، اتصل الرئيس أوباما شخصيا بشيرود واعتذر منها وكذلك فعل وزير الزراعة الذي عرض عليها منصبا أفضل.

في وسط هذه الأزمة، كتبت عددا من المقالات القصيرة في عدة مواقع إلكترونية قلت فيها إن شيرود كانت ضحية مجموعة من الغوغاء الهستيريين المدفوعين بأكاذيب وجبناء موجودين في السلطة ضحوا بها للغوغاء وحرموها من حق الدفاع عن نفسها بسبب الخوف أو لحسابات سياسية.

تفهمت ورطتها لأننا، أنا وكثير من الأمريكيين العرب والأمريكيين المسلمين، تحملنا معاملة مشابهة. على مدى سنوات، تطورت صناعة حقيقية من مجموعات وأفراد معادين للعرب وظيفتهم هي مراقبة تطورنا وتحدي كل تقدم نحققه بحملات تشهير. وكانت هذه المجموعات تقتطع كلامنا خارج السياق وتطلق اتهامات كاذبة وأحيانا ادعاءات غريبة تدعي زورا وجود علاقات لنا مع جماعات إرهابية ومتطرفين. هؤلاء الأشخاص والمواقع الإكترونية والمنشورات اليمينية وجهوا هجومهم ضد عدد من العرب والمسلمين الأمريكيين البارزين وأولئك الذين يعملون معنا في الحكومة والمشاريع التجارية.

هذا ما حدث لابني منذ أكثر من عشر سنوات عندما عمل لفترة من الوقت في وزارة الخارجية الأمريكية. نفس الأنواع من الهجمات تبعت كل حركة من حركاتي على مدى عقود من الزمن. في عام 1993، عندما طلب مني نائب الرئيس آل جور أن أقود مشروعا كان يطلقه لدعم النمو الاقتصادي في الضفة الغربية وغزة، كتب أحد محترفي التهجم على العرب مقالا ادعى فيه أنني أؤيد الإرهابيين. مستخدمة هذه المادة، طالبت صحيفة ليبرالية بارزة في مقال افتتاحي لها أن يقيلني آل جور من هذا المنصب. لكن آل جور دافع عني ورتب للقاء مع رئيس تحرير المجلة. عندما أبرز رئيس التحرير الاقتباس الذي يفترض أنني قلته وعرضت عليه النص الكامل لما كنت قد قلته لاحظ خطأه واعتذر. لكن الهجمات لم تتوقف مطلقا. عندما دعيت في العام الماضي لإلقاء كلمة ختامية في مؤتمر وزارة العدل، نشر باحث يميني مقالا وصفني فيه بأنني صديق لحزب الله، تماما كما قال أحد المعادين للعرب في مقال نشرته مجلة يمينية محافظة إن "مؤيداً معروفاً للوهابيين" تحدث في البنتاجون، في إشارة إلى خطاب ألقيته هناك خلال حفل إفطار في رمضان.

وقد مر آخرون من الجالية العربية بنفس التجربة. فقد اتهم مثلا أحد المشرعين الأمريكيين العرب من ولاية تينسي، وحتى ملكة جمال الولايات المتحدة التي انتخبت مؤخرا، بتأييد حزب الله. كما أجبر المحامي الشاب مازن أصبحي على الاستقالة من حملة أوباما بسبب تهم مزورة مشابهة.

وحاليا هناك عاصفة جديدة تتشكل. هناك مخطط لبناء مسجد جديد في منطقة قرب موقع أبراج التجارة التي استهدفتها هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، وقد اعترضت جماعات محلية على ذلك، مدعومة من قبل أمثال مرشحة الرئاسة الأمريكية سارة بايلين التي قالت إن بناء المسجد يعتبر "طعنة في القلب"، وكذلك نيوت جينجريتش الذي اعتبر المسجد جزءا من تحد أكبر قائلا إن "أمريكا تختبر هجوما ثقافيا سياسيا إسلاميا مصمما للتقليل من حضارتنا وهدمها".

وقد زادت مجلة يمينية محافظة الأمر توترا بتوجيه هجوم شخصي إلى رئيس مشروع بناء المسجد، الإمام فيصل عبد الرؤوف، وهو شخصية محترمة بحق، وله تاريخ طويل في الدعوة إلى السلام والمصالحة، باللجوء إلى الوسيلة المعروفة من استخدام الاقتباسات المأخوذة خارج إطارها، والادعاء بوجود ارتباطات كاذبة، وإطلاق التلميحات الخبيثة. يحاول المقال أن يرسم الإمام فيصل كتهديد مشبوه وخطير. وقد دعا عضو الكونجرس من الحزب الجمهوري بيتر كينج، وهو عضو في لجنة الأمن الوطني، إلى التحقيق في خلفية فيصل عبد الرؤوف.

ولهذا أتفهم شيرلي شيرود. أعرف ما مرت به، وفي الوقت الذي أحتفل فيه بتبرئتها، أعرف أننا كأمريكيين لم نخرج من المتاهة بعد. هناك شيء خطأ أساسي في ثقافتنا السياسية التي تعتمد على الإيقاع بالآخرين من أجل تحقيق مكاسب سياسية.