سألني أحد أصدقائي منذ عدة أيام: متى يمكن أن نعرف شخصية الرئيس القادم لإيران؟ قلت لصديقي إن هذا أصعب سؤال يمكن طرحه، والإجابة عليه لا يمكن أن تكون محددة.
عادة، الدول التي تجري فيها انتخابات ديمقراطية حرة، يقدم المرشحون أنفسهم بشكل منفرد أو من خلال حزب سياسي. في إيران، في غياب الأحزاب السياسية وعدم تمتع الناس بحقوق متساوية من حيث الترشيح للرئاسة، تكون الخيارات عادة محدودة جدا على الشخصيات المقربة من النظام التي يوافق عليها المرشد الأعلى آية الله خامنئي.
وحيث إن الخيارات محدودة على بعض الشخصيات العامة المعروفة، نستطيع أن نخمن مسبقا من سيكون المتنافسون الأهم في السباق إلى الرئاسة في إيران.
رغم المرارة وخيبة الأمل مما حدث خلال الانتخابات السابقة منذ أربع سنوات، لا تزال الانتخابات هامة، خاصة الانتخابات القادمة. الإجابة تكمن لدى المرشد الأعلى الطاعن في السن.
إن من يصبح الرئيس القادم لإيران سيكون قادرا على الأرجح على الاحتفاظ بالمنصب لفترتين متتاليتين، أي 8 سنوات. وخلال هذه السنوات الثمان ستمر إيران بمراحل هامة. فهي قد تتحول إلى دولة نووية، سواء بمعنى أنها ستمتلك السلاح النووي أو أنها ستمتلك الطاقة النووية، وبهذا تواجه الولايات المتحدة والغرب. إذا تمت تسوية القضية النووية مع مجموعة دول 5+1 وتم رفع العقوبات عن البلد، فستجد إيران نفسها أمام نمو اقتصادي وتقني سريع. هذا التحول نحو التطور أو الكارثة سيتم خلال السنوات الثمان القادمة. ومن ناحية ثانية، فإن المرشد الأعلى سوف يتقاعد على الأغلب خلال السنوات الثمان القادمة أو أنه سيكون أقل وجودا في الحياة الساسية العامة بحكم تقدمه في السن. لذلك على إيران أن تستعد ليكون لها مرشد أعلى جديد أو لوضع نهاية لإرث آية الله خميني الذي تركه بشكل خاص لرجال الدين. إذا استطاعت إيران أن تمر من هذه المرحلة بوجود رئيس ليس محافظا إلى درجة كبيرة فإنها قد تتمكن من تحقيق شكل أفضل للديمقراطية.
ما أريد قوله هنا هو أن جميع الترتيبات للمنافسة تم ترتيبها بين جماعة أحمدي نجاد والجماعات المحافظة المقربة من المرشد الأعلى ولن يكون فيها وجود قوي للإصلاحيين. الإصلاحيون يعتمدون على الرئيس السابق محمد خاتمي بسبب الشعبية التي يتمتع بها بين الإيرانيين. خاتمي يستطيع أن يؤثر في آراء الكثير من الإيرانيين لكنهم يتوقعون منه أن يؤدي دورا أكبر في مواجهة المحافظين مع أنه يواجه تحديات حقيقية من النظام.
أحمدي نجاد هو ابن هذه الفترة الإصلاحية. ربما كان قريبا من المرشد الأعلى، وقد يكون قد تمكن من خداع التيار المحافظ، لكن سجله يبين حدوث خلافات بين نجاد والمرشد الأعلى والمحافظين بشكل عام. نجاد لم يكن رئيسا محافظا تقليديا ومطيعا. التحديات التي واجهها مع المرشد الأعلى لم تشهدها إيران منذ ولادة الجمهورية الإسلامية. صحيح أنه كان أكثر ميلا وتجاوبا مع المرشد الأعلى والتيار المحافظ في الفترة الرئاسية الأولى، لكنه تغير بشكل ملحوظ بعد فوزه في الفترة الرئاسية الثانية، لذلك يعتقد البعض أن تظاهره بالتزام التيار المحافظ في البداية كان مجرد حيلة ليضمن النجاح بالفترة الرئاسية الثانية وبعدها كشف هويته الحقيقية.
بعد احتفالات رأس السنة الفارسية –عيد النيروز- في 4 أبريل القادم، سيبدأ التسجيل رسميا من أجل الترشح للرئاسة، وبحلول نهاية أبريل سيكون المتنافسون الأوائل على الرئاسة قد تم تحديدهم.
ربما لم يحسم المرشد الأعلى أمره بعد في هذه الفترة الحاسمة لمعرفة الشخصية التي يستطيع أن يثق بها لقيادة الجمهورية الإسلامية. ومع أن المرشد الأعلى يتمتع بالكثير من التأييد بين الإيرانيين المحافظين، تظهر التجارب أن الكثير من الناخبين يختارون عادة المرشح الذي لا يؤيده المرشد الأعلى أو حتى شخصية غير معروفة إذا كان يتمتع بالكاريزما المطلوبة.
لست متأكدة إذا كان هاشمي رفسنجاني يمثل المرشح المثالي، لكن هناك إشاعات بأنه قد يرشح نفسه للرئاسة. وليس واضحا بعد ما إذا كان هناك مرشح يتمتع بكاريزما كافية لهزيمة رفسنجاني، كما حدث منذ 8 سنوات عندما خسر أمام أحمدي نجاد.
أحيانا يكون الوقت قد فات على بعض السياسيين ليحتلوا مناصب رئيسية، وربما من الأفضل أن يساعدوا من الأطراف من خلال استشاراتهم وخبرتهم. هذا الأمر ربما ينطبق على الرئيس السابق هامشي رفسنجاني. صحيح أنه يتمتع بعلاقات دولية متميزة، خاصة مع معظم الدول العربية، وصحيح أنه أحد أهم الأعمدة الرئيسية للثورة الإيرانية؛ لكن الشعب الإيراني بحاجة أن يرى وجوها جديدة في الساحة السياسية، وإيران بالتأكيد لا تفتقر إلى السياسيين المحنكين ذوي الخبرة. كل ما يحتاجه هؤلاء هو أن تتاح لهم فرصة التنافس الشريف لإثبات أنفسهم وقدراتهم.
ردا على سؤال صديقي حول الرئيس الإيراني القادم، أقول إن من المبكر معرفة الذين سوف يترشحون والذي سيفوز, علينا أن ننتظر شهرا آخر على الأقل ونراقب المرشد الأعلى خلال هذه الفترة.