في الوقت الذي كشفت فيه وزيرة فرنسا للتجارة الخارجية نيكول بريك عن اجتماع ثنائي مرتقب الشهر المقبل بين الحكومة السعودية والفرنسية لتحقيق مزيد من التقدم في ملف التعاون النووي السلمي بين البلدين، أبدت الوزيرة الفرنسية اهتماما واضحاً بقطاع النقل في المملكة، متطلعة إلى شراكة اقتصادية بين البلدين فيما يخص إنشاء مشروع "مترو" الرياض.

كما أعلنت الوزيرة الفرنسية في حوار مع "الوطن"، أنها ستعود مرة أخرى للرياض مطلع العام المقبل 2013، برفقة وفد تجاري رفيع المستوى لاستكشاف فرص التعاون والاستثمار.

وفيما يتعلق بالأزمة الأوروبية، أكدت نيكول بريك، أن بلادها تنفذ حالياً إصلاحات مهمة، في حين يعمل الرئي هولاند مع شركائه الأوروبيين كل يوم لإنعاش اقتصاد الاتحاد الأوروبي، والحفاظ على وحدته النقدية.

كيف تقيمون الشراكة الاقتصادية بين المملكة وفرنسا، وكم بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين؟ وكم نسبة نموه سنوياً؟

التعاون الاقتصادي بين بلدينا ممتاز، والنمو مستمر في معدلات جيدة، إذ بلغ التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي 2011 نحو 7.7 مليارات يورو، بارتفاع قدره 17% مقارنة بـ2010، إضافة إلى أن هذه الرقم يمثل ضعف حجم التبادل التجاري لخمس سنوات مضت، ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن فرنسا ظلت محافظة على حصتها في السوق على مدى العقد الأخير بـ3.7%.

كيف تتطلع المؤسسات الاستثمارية والتجارية إلى سوق المملكة؟ وما الصعوبات التي تقف أمام دخولهم إلى السوق السعودي؟

الشركات الفرنسية تسعى دائماً لتعزيز وجودها بالمملكة وعقد الشراكات في مختلف المجالات في سوق يعد أكبر سوق في المنطقة، كما أننا ندعم سياسة تنويع الاقتصاد السعودي ونشارك المملكة هذا التوجه، فضلاً عن أننا نشجع الشركات الصغيرة والمتوسطة وخاصة الفرنسية لإقامة علاقات تجارية مع المملكة، في قطاعات عدة مثل السلع الاستهلاكية ومستحضرات التجميل الفاخرة، وتجهيز الأغذية، ومجالات الاتصالات، إضافة إلى قطاعات النمو الجديدة الواعدة مثل الصحة أو الطاقة الشمسية.

كيف تقيمون أداء الشركات التجارية السعودية المستثمرة في السوق الفرنسية؟ وهل شعرتم بأي تخوف من قبل المستثمرين السعوديين لدخول السوق الفرنسية خصوصاً مع استمرار أزمات منطقة اليورو؟

يسرنا أن نرحب دائما بالشركات السعودية في فرنسا على الرغم من أنها أصبحت الآن قليلة جدا، واسمح لي أن أقول بأن فرنسا سوق تجارية واستثمارية كبيرة، يتوفر بها فرص هائلة، فهي ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، وأهم سادس دولة في الاستيراد، والخامسة في مجال الخدمات، وبفضل بيئتها الاستثمارية المتميزة، وكفاءة بنيتها التحتية والأيدي العاملة، إضافة إلى الحوافز التي تمنحها مثل الإعفاء الضريبي فيما يتعلق بالبحوث والدراسات التي تشجع الابتكار، وضعت نفسها في المرتبة الثالثة عالمياً ضمن أكبر الدول المستفيدة من الاستثمار الأجنبي المباشر، في حين أن الشركات السعودية لديها جميع الإمكانات والمؤهلات للاستثمار في فرنسا.

ما أكثر المجالات تبادلاً تجارياً بين المملكة وفرنسا؟

تمثل وارداتنا النفطية من المملكة الغالبية العظمى، إذ تعتبر المصدر رقم واحد لفرنسا، من بين موردينا من النفط الخام، أما الصادرات الفرنسية فتتمثل في المعدات الميكانيكية، والإلكترونية والكهربائية، والطائرات، والمعدات الفضائية، ومنتجات صناعة الأغذية، والمستحضرات الطبية والصيدلانية، والمنتجات المعدنية، والعطور. ولكن تركيزنا في الوقت الحالي على مجال النقل الذي يعد من أهم أعمال زيارتي الحالية، إذ تعد فرنسا متطورة في مجال سكك الحديد والقطارات، والنقل الحضري بشكل عام، إذ نتطلع لشراكة اقتصادية مع المملكة، خصوصاً وأنها مقبلة على مشروع إنشاء قطار المدن "المترو" في الرياض، وأتمنى أن تثمر الزيارة التي تستمر لمدة يومين وألتقي من خلالها مسؤولين سعوديين، في تعزيز التعاون الثنائي الاقتصادي، ولهذا السبب سأعود في بداية 2013 برفقة شركات فرنسية عدة لاستكشاف وعقد شراكات تجارية بين البلدين.

مع تطور مجالات المال والأعمال تحتاج الشركات من البلدين لمزيد من الإجراءات التشجيعية والتسهيلات، خصوصاً فيما يتعلق بنشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة، هل هنالك توجهات لدى الحكومتين لسن وإطلاق إجراءات جديدة؟

من جانبنا، قرر الرئيس فرانسوا هولاند إنشاء بنك للاستثمار، من شأنه إعطاء ضمانات تمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات المبتكرة متناهية الصغر في أوقات الأزمات.، وهذا البنك سيعزز القدرة التنافسية للشركات الفرنسية وتمكينها من تصدير أفضل للاستثمارات والشركات الفرنسية في الأسواق الرئيسة مثل المملكة، ولا أنسى هنا أن أشير إلى أن بداية العام المقبل ستشهد فرنسا إقامة "منتدى فرص الأعمال السعودي الفرنسي"، والذي سيلتئم فيه وفد وزاري وشركات سعودية مع نظيراتها الفرنسية لمناقشة تنمية وتطوير التبادل الثنائي بين البلدين، ومستوى الشراكات التجارية والصناعية، والاستثمارات المتبادلة بين البلدين.

كيف تنظر فرنسا للسياسة النفطية السعودية؟

فرنسا ممتنة لدور المملكة وجهودها لضمان إمدادات النفط العالمية، والوقوف إلى جانب الاقتصاد العالمي بعدم وصول أسعار النفط لمعدلات مرتفعة تنعكس سلباً على الاقتصاد العالمي.

وقعت فرنسا اتفاقية تعاون نووي للاستخدامات السلمية مع المملكة، ماذا تم بشأن هذه الاتفاقية وهل بدأ العمل بها؟ وهل هنالك توسع في مجال الطاقة المتجددة بين البلدين؟

كانت فرنسا وما زالت تتميز بالريادة في المجال النووي، ومنذ توقيع اتفاقية التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية مع المملكة، يقوم الطرفان بعمل كبير، ومن المقرر عقد اجتماع ثنائي رفيع المستوى الشهر المقبل لتحقيق مزيد من التقدم، كما أود أن أضيف أنني جئت إلى المملكة للتذكير بأن الحكومة الفرنسية ستدعم هذا القطاع الاستراتيجي للمملكة، والمشاركة النشطة التي أردنا أن نقدمها لحكومة المملكة، وأن فرنسا مستعدة للتعاون ودعم المملكة في توفير الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية.

ظهرت فرنسا مؤخراً بمظهر المطمئن فيما يتعلق بأزمة أوروبا، برأيكم كيف سيتم التمكن من الحفاظ على وحدة منطقة اليورو واستقرارها، وكسر الحلقة المفرغة بين الدول والمصارف؟

زعماء أوروبا، وأولهم الرئيس فرانسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، واثقون في مستقبل الوحدة الأوروبية، ويعملون كل يوم للحفاظ على وحدتها النقدية.

خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو، في حين أن منطقة اليورو عادت إلى الانكماش، ومعدلات البطالة فيها ارتفعت في سبتمبر إلى مستوى قياسي بلغ 11.6%، كيف تنظرون لهذه الأمور؟ ومدى تأثيرها على حزمة الحلول والإصلاحات التي تقوم بها منطقة اليورو؟

وضع الرئيس فرانسوا هولاند، النمو والعمل ضمن أولويات عمله كرئيس للحكومة، ويجري الآن تنفيذ إصلاحات مهمة في فرنسا، في حين يعمل هولاند مع شركائه الأوروبيين لإنعاش اقتصاد الاتحاد الأوروبي، ومن هذه الأعمال إنشاء المشاريع الكبرى.