منذر ما زال فتى لكنه حمل السلاح ليقاتل. وبعدما ساهم في طرد جنود النظام من مدينته اعزاز انضم إلى القتال في حلب حيث تبدو المعركة أصعب وأكثر ضراوة. والمعركة للاستيلاء على اعزاز لم تستغرق سوى أسبوعين. ويكشف غياب التقدم صعوبة معركة يتم خوضها بأسلحة محدودة ومقاتلين لا خبرة لديهم في استخدامها، في مدينة كانت في منأى من حركة الاحتجاج.
ويقول منذر الذي يستعد للعودة إلى منزله لاستراحة من 48 ساعة بعد شهرين من المعارك "المعركة مختلفة تماما هنا". ويضيف "في اعزاز كان السكان إلى جانبنا ويحترموننا لكن هنا نصف السكان لا يحموننا ولا يحبوننا". ويرى أن حرب المدن هذه أصعب خصوصا لأن أيا من عناصر وحدته الـ12 لا يتحدر من حلب ولا يعرف المدينة جيدا. وعليهم القتال لحماية كل شبر من المدينة سيطروا عليه مستخدمين قنابل يدوية الصنع وقاذفات صواريخ ورشاشات وبنادق الكلاشنيكوف. وانتهت آخر عملياتهم بالانسحاب بعد مقتل أحد رفاقهم.
ويقر أبو محمد القائد الذي يحظى باحترام كبير في حلب ووضع تحت إمرته 350 إلى 400 مقاتل معارض، بأنه يفتقر الى مجندين محليين. ويقول من حقل لأشجار الزيتون حيث يدرب رجالا على عمليات كومندوس، إن هذا النقص يعود لفرار أسر بأعداد كبيرة من المدينة في نهاية يوليو الماضي لكن أيضا لرجال الدين وأصحاب القرار فيها الذين يدعمون الرئيس بشار الأسد.
ودمرت الغارات الجوية وعمليات القصف المنازل وانعكست سلبا على النشاط الاقتصادي وكذلك على أسر بكاملها. وفي الشوارع أكوام من النفايات المكدسة. ويشتكي السكان من انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار السلع أو نقصها كما يشعرون بالخوف. وعند نقطة مراقبة وراء خط الجبهة تصل امرأة تبكي من منزل ابنتها الذي هجر بسبب القصف. وتقول وهي تحمل أكياسا تحتوي على ألبسة أطفال شتوية "سرقت كل محتوياته". وأمام حزنها، يؤمن لها مقاتلو الجيش السوري الحر سيارة أجرة. وفي شارع مجاور ترفض أستاذة أرمنية متقاعدة تدعى كوهارين مغادرة منزلها كما يطلب منها مقاتلو الجيش الحر. وتقول كوهارين البالغة الستين من العمر إنه ليس لديها أي مكان تلجأ إليه. وتقول كوهارين "نريد السلام للجميع فليعد الجميع. كنا نعيش بخير هنا".