قالت رئيسة الجمعية العلمية للتربية واللغويات بلندن، المدربة بـ (ملتقى الحوار الوطني للمبتعثين السعوديين) الذي نظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني مؤخرا في بريطانيا وأيرلندا، الدكتورة غادة عنقاوي إن تأهيل مدربين ومدربات للحوار الوطني في بريطانيا خطوة إيجابية للتغلب على بعض الصعوبات التي تواجه المبتعث السعودي، والناجمة في بعضها عن غياب الخبرة في مجال الحوار الحضاري مع الآخر من جانب، ومع الذات من جانب آخر.

وأشارت عنقاوي إلى" الوطن" إلى أن البعض أحياناً لا يجيد فن التناغم والاتصال للاستفادة من التنوع بأشكاله في المملكة بفعل مساحتها الكبيرة، مما نتج عنه تعدد الثقافات والاتجاهات الفكرية، بالإضافة إلى تعدد القبائل واللهجات المختلفة في كل منطقة؛ ومن هنا تأتي أهمية الحوار لتقريب وجهات النظر، والتغلب على الحواجز التي تنتج عن هذا التنوع، والذي ينتقل بكليته في مجتمعات الطلبة السعوديين في بلد الابتعاث كنموذج مصغر للمجتمع السعودي المتنوع.

وأشارت إلى "التباين في فهم الحضارة الغربية، والفكر الغربي الذي أصبح التعايش معه حتمياً، فالطالب يدرس في مدارس الفكر الغربي، وخاصة في مرحلة البحث المتقدمة، ويواجه اتجاهات فكرية متنوعة تتطلب درجة راقية من الحوار، وتقبل اختلاف وجهات النظر، مع الحفاظ على الهوية الأساسية والثقافة الفكرية الأصيلة لمجتمعنا السعودي المسلم، هنا يبرز دور ملتقى الحوار الوطني في تزويد الطالب بمثل هذه المهارات، مما يعينه على التكيف في الأجواء الجديدة، والتعايش مع التباين الثقافي لبلاد الابتعاث". وأشارت إلى أن "مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني" من خلال البرنامج الذي شاركت فيه يهدف إلى نشر "ثقافة الحوار"، وتعليم "مهارات الاتصال" النابعة من تعاليم الدين الحنيف وأخلاقياته السامية في تنظيم التفاعل بين أطراف الحوار داخل الأسرة وخارجها، وفي المجتمع السعودي، ومع الحضارات والأديان المختلفة الأخرى. وقالت إن "كل المبتعثات اللائي شاركن في هذا الملتقى قدمن تطلعات وأهدافاً تحقق الكثير منها، ولله الحمد. وقد عمل المنظمون على تنظيم الدورات التدريبية في المناطق المتعددة من بريطانيا التي يتواجد بها الطلبة لتسهيل وتهيئة مشاركتهن".

وعن تفاعل الطالبات قالت "كان قوياً جداً في إطار من الاحترام المتبادل، مع الحفاظ على الخصوصية التي يفرضها الدين، والتحلي بالحجاب والحياء، وفي الوقت نفسه لم تتأخر المبتعثات ـ ومعظمهن طالبات دكتوراه ـ في المشاركة العلنية أمام الجمهور في الإلقاء، والقيام بالتمارين المعنية بالاتصال".

وعن العقبات التي واجهتهم كفريق تدريب بينت عنقاوي أن الإعداد والترتيب يشكل لمثل هذه الدورات عبئاً إضافياً على أندية الطلبة السعوديين، وقالت، "وجدنا أن بعضهم لم يتحمس للفكرة، ولعله لظروف خاصة بالنادي نفسه. وأعتقد أيضاً أن تنظيم الدورات يتطلب مكاناً مجهزاً، وغالباً ما يكون في الجامعات، ويتطلب إعدادات مسبقة، بالإضافة إلى العبء المادي الكبير على المنظم".

وأشارت رئيسة الجمعية العلمية للتربية واللغويات بلندن إلى أن المشاركات التي قام بها الطلبة تدل على نضوج ووعي عاليين يتناسبان مع المستوى الفكري لأي طالب من أي بلد في العالم. وبينت أنها من خلال تجربتها الخاصة في تدريب 21 طالبا وطالبة، وجدت أن التعارف بين الطلبة في أجواء علمية وتدريبية راقية زاد من مستوى التقارب فيما بينهم، خاصة أن الجميع في ملتقيات الأندية قد يتحرج من طرح مواضيع تتعلق بالتربية الذاتية، والمشكلات الاجتماعية، فكانت الدورات بمثابة قناة اتصال للتعبير المباشر عن الرأي دون نقد أو تقييم وبتقبل تام، وتحت إشراف مدرب خبير ومعد لإدارة النقاش والحوار، إضافة إلى إيجاد روابط فكرية بين الطلبة، لتكون أساساً لعلاقات مستمرة، عكس تلك العابرة والناجمة عن لقاءات سريعة كاللقاءات في المقاهي أو كرة القدم.

وأكدت أنها لا تستطيع أن تخفي إعجابها بالتعامل الراقي الذي وجدته من قبل إخوانها الطلبة وتقبلهم لها كمدربة، وتفاعلهم العالي في حضور الدورة.

وعن الآثار المتوقعة لمثل هذه الدورات بينت عنقاوي أن "الآثار الايجابية لمثل هذه الدورات لا تظهر بصورة فورية، ولكن من مشاهداتي الحالية وجدت تقارباً في الفكر، وتحسنا في مستوى الاحترام المتبادل، علاوة على جوانب هامة أخرى، كالدعم النفسي والمعنوي بين المشاركين أنفسهم باعتبارهم شركاء في تجربة تعليم مميزة، مما سيعود إيجابياً على الهدف الأساسي من تواجدهم في دار الابتعاث، وهو النجاح في دراساتهم وأبحاثهم وخدمة وطنهم".