دعا أكاديمي اقتصادي المؤسسات الخيرية إلى توظيف إيراداتها المالية في مجالات الاستثمار، لضمان استدامة أعمالها الخيرية وضمان مصدر استثماري يزيد من قوتها، مقترحاً أن تتعاون هذه المؤسسات والجمعيات مع شركات الوساطة المالية والمؤسسات المالية والاستثمارية الكبيرة لإنشاء صناديق ومحافظ استثمارية ومشاريع وقفية.
وقال مدير مركز التميز للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي بمعهد البحوث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور صلاح الشلهوب، لـ"الوطن"، إنه من الأهمية بمكان أن تتجه المؤسسات الخيرية للتعاون مع شركات ومؤسسات استثمارية ذات كفاءة عالية في إدارة الأموال لتأسيس مشاريع وقفية استثمارية تعزز من خدماتها بالمستقبل بعيدا عن فكرة الاكتفاء أو الاستغناء عن الزكاة أو الصدقات.
واقترح الشلهوب آليتين لبدء المؤسسات الخيرية في أعمالها الاستثمارية، إما بالتعاون مع مؤسسات القطاع الخاص ذات الكفاءة، مما يضمن إعطاء مقترحات وأفكار والعمل على ذلك في مجالات العقارات والأسهم وغيرها، أو إيجاد مرجعية موحدة أو شبه محدودة لعدد من الجمعيات تتولى استثماراتها بتكاليف أقل، مستبعداً أن تعمل الجمعيات والمؤسسات الخيرية على هذه الأنشطة من تلقاء نفسها، لقلة الكفاءات في مجال إدارة الأموال.
وأكد الشلهوب على أن مثل هذه الخطوة ستضمن الاستدامة للموارد المالية للحمعيات والمؤسسات الخيرية، مشيراً إلى أن مستوى التبرعات يرتفع وينخفض من وقت لآخر، ففي رمضان على سبيل المثال تكثر التبرعات وفي مواسم أخرى تقل، في حين أنه لا يمكن ضمان وصول هذه التبرعات على المدى المتوسط والبعيد بنفس القدر الحالي.
وقال الشلهوب إنه من الضروري أن تحقق استراتيجية توزيع الموارد، التوازن سواء من خلال الصدقة مباشرة على الفقير، أو استثمار هذه الموارد لتحقيق عوائد واستدامة موارد المؤسسات المالية، مضيفاً: "لكن الأهم هو بناء قدرات الفقراء ليتمكنوا من الكسب، فهو يحقق لهم الكرامة، ويعزز دورهم الإيجابي في المجتمع".
وأكد الشلهوب على أن المؤسسات والجمعيات الخيرية تؤدي دورا تنمويا كبيرا في المجتمع، مما يحتم عليها الحفاظ على استدامة مواردها المالية، من خلال التوجه للاستثمار، إذ تسهم هذه الجمعيات في تحسين النشاط ومستوى المعيشة في الدولة، وتدعم النشاط الاقتصادي، معتبراً أن المؤسسات الخيرية جزء لا يتجزأ من تركيبة مؤسسات المجتمع، في وقت أثبتت تطورها في المملكة وتنوع أنشطتها، حيث أصبحت تمارس مجموعة من الأنشطة التي تلبي احتياج المجتمع.
وقال الشلهوب إن من القضايا التي لم تكن إدارتها بالصورة المثالية لدى بعض المؤسسات المالية مسألة إدارة الموارد المالية، إذ إنها تركزت على توزيع جميع الموارد بصورة تعالج المشكلة على المدى القصير، دون أن يكون هناك علاج لها على المستوى البعيد، فضلا عن علاج المشكلة من جذورها، مبيناً أنه في حال استمرت على هذه الحال بإنفاق مواردها المالية مباشرة سينخفض دورها في المستقبل، في حين أن التجربة السابقة لبعض هذه المؤسسات جعلت منها تعمل على إيجاد آلية لاستدامة مواردها المالية، وذلك من خلال إنشاء مشاريع للأوقاف لهذه المؤسسات وأنشطتها.
وشدد الشلهوب على أهمية وجود استراتيجية شاملة للمؤسسات الخيرية، وعلى وجه الخصوص في توزيع الموارد من جهة استثمار جزء منها، وتوزيع جزء آخر على المستحق.