قبل أن أذهب إلى النوم في تلك الليلة، كانت قنوات الفضاء تبعث رائحة الحرب، أغلقت هذا الجهاز المزعج، وأنا أشعر بشيء جديد يسري مع الدم في عروقي.

في الطريق إلى النوم كنت أكثر حزناً مما كنت أظن، وقفت أتأمل وجهي في المرآة، على جانب من سرير النوم.

كنت أشعر بعبث أن صاروخاً تائها عن دربه، سوف يخترق جدار الغرفة خلفي، ثم يستقر في ظهري، ارتعب جسدي ثم مال قليلا، على إثر هذا الشعور المباغت، ورأيت أنني أخفي ضحكاً مكتوماً على ما يحدث في الخارج، لكنني ظللت مستمتعاً بفكرة ذلك الصاروخ الضائع الذي سوف يطعن ظهري.

كان في وجهي ملامح جديدة، لم أرها منذ زمن طويل، وبدوت كما لو أنني بهذه النظرات الجديدة، أصغر سناً، وأكثر بهجة، أو ربما كليهما، مع خوف جديد يشي بروح جديدة.

قلت إنني لا أرغب الآن في النوم.

وضعت أبريق الماء على النار، مكثت جواره أتأمل بخاره المتصاعد، أو أتأمل النافذة الصغيرة التي تصلني من فتحات شبكها أصوات مختلطة للجيران، رجالاً ونساء وأطفالا، يبدو أنهم في مهمات صعبة !! إما يحدثون بعضهم بعضا أو يحدثون أقرباءهم عن طريق الهاتف، وتشعر بالخوف يصدر من أفواههم مع الكلمات.

خرجت إلى الصالة مصحوباً بالدوار والخوف الممتع المثير، وكأس من ( الشاهي ). كان الجو بارداً وممطراً، ومن النافذة الوسيعة تأتي رائحة الهواء كأنها رطبة أو ممزوجة برائحة الرصاص أو البارود أو الزيت أو الفحم، للمرة الأولى منذ وقت طويل لا أعرفه، ربما منذ الطفولة، يعتريني شعور خفيف وغامض ومبهج ومثير للخوف، للمرة الأولى منذ وقت طويل لم أشعر بشيء من هذا، بشيء من الإثارة التي تعمق المشاعر وتجعلك تحس بوجودك على نحو مرعب، حين تتوقع أن يحدث تصادماً ( تكنولوجياً )، بعد قليل، فوق رأسك، ولا تعرف أين سوف يقع هذا التصادم، تموت سنوات طويلة، كانت المشاعر فيها مسطحة، والرؤية للأشياء محايدة، والأحداث المتباعدة التي تحيط بك غير مهمة وغير مثيرة، كان لكأس الشاهي طعم مختلف، ورائحة جديدة، قلت إن كل شيء أصبح مختلفاً حتى سلوك البشر الذين أصبحوا الآن أكثر رقة وأكثر أنانية، فهل يفعل الخوف كل هذا، أن تكون أنانياً ورقيقاً في وقت واحد.

في الطريق إلى النوم عبرت شوارع كثيرة، وقابلت وجوهاً كثيرة، وحادثت أناسا كثيرين، كانوا يجلسون على عتبات أبواب بيوتهم وهم يبحلقون في السماء.

في الطريق إلى النوم .......

وفي الطريق الى......

وفي ...