على الرغم من خفض السلطات الأميركية مستوى "ساندي" من إعصار إلى "عاصفة قوية"، لم تمض الولايات الواقعة على الساحل الشرقي يومها بسلام، إذ تسببت بمقتل العشرات وانقطاع الكهرباء عن ملايين السكان إضافة إلى تسببه بخسائر قدرت بـ20 مليار دولار.

وسلم السعوديون، مقيمين ومبتعثين، من "الكارثة الكبرى" - وفق وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما - إذ لم تسجل أي حال وفاة أو إصابات بينهم واقتصر الأمر على إجلاء 320 مبتعثا إلى أماكن آمنة. وصرح وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة أن سفير خادم الحرمين لدى الولايات المتحدة عادل الجبير اتصل بالملك عبدالله بن عبدالعزيز، وطمأنه أن جميع الطلبة السعوديين بخير، ولم يصابوا بأذى.

إلى ذلك أبلغ "الوطن" الملحق الثقافي بواشنطن الدكتور محمد العيسى أن الملحقية تكفلت بإسكان الطلاب المتضررين على حساب الدولة.




قالت الملحقية السعودية في واشنطن أمس إنها لم تسجل أي حالة وفاة أو دخول للمستشفى لمواطنين سعوديين في الولايات والمناطق المتضررة من إعصار "ساندي" الذي ضرب شمال شرق الولايات المتحدة.

وأوضح الملحق الثقافي الدكتور محمد العيسى في اتصال أجرته معه "الوطن" أنه تم إجلاء أكثر من 320 مبتعثا من المناطق المنكوبة وإسكانهم في فنادق تقع في ولايات ومناطق آمنة. وقال "لم نسجل أي حالة وفاة أو دخول للمستشفى، وفرقنا ما زالت تتابع التطورات عن كثب وتستقبل اتصالات السعوديين واستفساراتهم". وقال العيسى إن الملحقية تكفلت بتوجيه من وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري بإسكان الطلاب المتضررين على حساب الدولة وتم إبلاغ كافة فرق الطوارئ بذلك، مشيرا إلى أن الدكتور العنقري يتابع باستمرار التطورات مع الملحقية والقنصلية في واشنطن. وأشار العيسى إلى أن المشاكل التي تواجه بعض المبتعثين حاليا هي انقطاع التيار الكهربائي في بعض المدن والأحياء المتضررة، بالإضافة إلى نقص وسائل المواصلات المتعطلة في هذه المدن.


عشرات القتلى

وكان إعصار ساندي تسبب في ارتفاع قياسي لموجات المد في بعض المناطق الساحلية. وأودت الرياح العاتية والأمطار الغزيرة بحياة العشرات، وخلفت 60 مليون شخص يسعون للاحتماء من هذه الظروف أمس. وسجلت حالات الوفاة في نيويورك ونيوجيرسي وويست فيرجينيا وكونيتيكت وبنسلفانيا وميرلاند. وتوفي أكثر من نصف الضحايا بسبب تساقط الأشجار. ومن الأسباب الأخرى التي أدت لوقوع وفيات الصعق الكهربائي وحادث سيارة، كما لقيت سيدة في كندا حتفها إثر اصطدام ركام متطاير بها في تورونتو. وقبالة سواحل ولاية "نورث كارولينا"، تسبب الإعصار ساندي في غرق السفينة "إتش إم إس باونتي"، إحدى أشهر السفن الطويلة في العالم، بعد أن تركها طاقمها. ولقي أحد أفراد الطاقم حتفه، فيما بقي ربان السفينة في عداد المفقودين. وجرى إنقاذ 14 شخصا من المسافرين وطاقم السفينة ونقلهم إلى محطة جوية في مدينة إليزابيث سيتي بولاية نورث كارولينا.

ووصلت العاصفة إلى اليابسة حوالي الساعة 8 مساء بالتوقيت المحلي (الثلاثاء بتوقيت جرينتش) قرب مدينة أتلانتيك سيتي بولاية نيوجيرسي بعد أن خفض المركز الوطني الأميركي للأعاصير تصنيف الإعصار ساندي إلى عاصفة قوية بعدما تراجعت سرعة الرياح المصاحبة لها من أكثر من 150 كيلومترا في الساعة إلى حوالي 135 كيلومترا في الساعة.

وألغيت حوالي 14 ألف رحلة طيران، كما جرى تعليق عمل قطارات الأنفاق والحافلات في المدن الرئيسية، وأغلقت مكاتب الحكومة الأميركية في واشنطن، كما استمر إغلاق سوق المال الأميركية لليوم الثاني على التوالي أمس، لتكون أول مرة تعلق فيها أعمال البورصة ليومين لأسباب تتعلق بالطقس منذ عام 1888.

وأفادت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأميركية أن التيار الكهربائي انقطع عن حوالي 6.5 ملايين أسرة على طول رقعة واسعة من من نورث كارولينا إلى ماساشوستس. واضطر مركز لانجون الطبي، التابع لجامعة نيويورك، في مانهاتن إلى نقل كافة المرضى- وعددهم 215 شخصا- بمن فيهم الأطفال والبالغون الذين يعانون من حالات حرجة، إلى مستشفيات آخرى في المدينة بعد تعطل مولد الكهرباء مع انقطاع التيار.وسجل حدوث زوابع رياح في مدينة نيويورك تزيد سرعتها على 120 كيلومترا في الساعة، كما سجلت أمواج مد بارتفاع أربعة أمتار قرب حديقة باترى في الجانب الجنوبي من مانهاتن، حيث غمرت مياه البحر أكبر شبكة مترو أنفاق في البلاد.





"كارثة كبرى"

وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما حالة "الكارثة الكبرى" في ولاية نيويورك التي ضربها إعصار ساندي. وأوضح البيت الأبيض في بيان أن هذا القرار يضع الأموال الفدرالية في التصرف لمساعدة الأشخاص المتضررين في مناطق برونكس وكينجز وناسو ونيويورك وريتشموند وسافولك وكوينز. وأضاف البيان أن إعلان هذه الحالة يتيح مساعدة المتضررين في تأمين مساكن مؤقتة لهم وكذلك إصلاح الأضرار الناجمة عن الكارثة.

وبلغت الخسائر التي تسبب فيها الإعصار نحو 20 مليار دولار، بحسب تقديرات الخبراء. وقالت شركة "إكيكات" الأميركية التي تساعد شركات التأمين على تقييم مخاطر الكوارث إن قطاع التأمين قد يتحمل تعويضات تتراوح من 5 إلى 10 مليارات دولار. ويقدر الخبراء الخسائر الاقتصادية بما يتراوح من 10 إلى 20 مليار دولار.


مفاعلات متعطلة

وضع مفاعلان نوويان في ولاية نيوجيرسي أمس خارج الخدمة بسبب الأحوال الجوية السيئة الناجمة عن الإعصار ساندي، كما أعلنت الشركتان المشغلتان للمفاعلين. وقالت شركة "الخدمة العامة للكهرباء والغاز" (بي إس أيه جي) إن المفاعل "سالم 1" الواقع في هانكوكس بريدج على ضفة نهر ديلاوير تم وضعه خارج الخدمة بعدما توقفت عن العمل أربع مضخات مياه من أصل ست يضمها، مؤكدة أن المفاعل المجاور في هوب كريك يعمل بصورة طبيعية. وقالت الشركة إن المفاعل ما زال متوقفا عن العمل، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. كما وضع خارج الخدمة أيضا مفاعل ثان يبعد عن الأول حوالي 50 كلم ويقع شمال نيويورك على ضفة نهر هادسون، كما أعلنت الشركة المشغلة له على حسابها على تويتر. وقالت شركة إنترجي التي تدير مفاعل "إنديان بوينت" إن المفاعل أخرج من الخدمة بسبب "مشاكل في الشبكة الكهربائية الخارجية"، مؤكدة عدم وجود "أي خطر على السكان" أو على العمال.


نيويورك.. "صامتة"

مع تسجيل ارتفاعات قياسية لمستوى المياه وفيضانات هائلة أدت إلى إغراق نصف مانهاتن في الظلمة والصمت، عاشت نيويورك ساعات صعبة ليل الاثنين الثلاثاء مع عبور الإعصار ساندي.

وتدفقت المياه بشكل خاص إلى الجهات الثلاث لشبه جزيرة مانهاتن. وجنوبا في حي باتري بارك ارتفعت مياه البحر 4,15 أمتار، وهو أمر لم يشهد منذ 1960. وشقت المياه طريقها إلى ورشة جراوند زيرو أو الموقع السابق لبرجي التجارة العالميين اللذين دمرا في هجمات 11 سبتمبر.

ويتوقع أن تستغرق عودة التيار من 3 إلى 4 أيام على الأرجح وربما أسبوعا.