من جديد يعود مسلمو فرنسا إلى واجهة الأحداث، بعد خفوت قصير أعقب مقتل محمد مراح قبل أشهر. إذ التفتت الأنظار لأحدث استطلاع رأي أجراه معهد "إيفوب"، ومن المفارقات أنه قد تزامن مع يوم وقفة عيد الأضحى المبارك. الاستطلاع أشار إلى أن 43% من الفرنسيين يعتبرون الإسلام دينا يهدد هويتهم وثقافتهم الوطنية، فيما جاء رأي 17% أن الإسلام يثري بشكل واضح الثقافة الفرنسية، بينما رفض ما يقرب من 40% من عينة الاستطلاع الإجابة حول هذا الموضوع.
وعلق مدير قسم الاستطلاعات في معهد "إيفوب" جيروم لافوركاد، أن الاستطلاع يكشف مدى تدهور صورة الإسلام والثقافة الإسلامية لدى الفرنسيين، خلال السنوات القليلة الماضية على الرغم من أن 40% لا يعيرون أي اهتمام لوجود المسلمين في فرنسا.
مؤكدا على أنه في السنوات الأخيرة، لم يمر أسبوع واحد دون أن تطرح مسائل تتعلق بالإسلام مثل: (اللحم الحلال، الحجاب في المدارس، وما شابه) نفسها في مشهد النقاش السياسي والإعلامي في فرنسا، وقد أثر ذلك بالفعل إلى الحد الذي جعل 60 % من الفرنسيين يعتقدون بأن الديانة الإسلامية قد احتلت حيزا كبيرا في حياتهم اليومية.
وحذر لافوركاد، من أن الاستطلاع قد كشف أيضا عن أن الفرنسيين لا ينظرون إلى الإسلام كظاهرة عابرة ـ كما كان الأمر في الماضي ـ بل كمشكلة تجذرت في مجتمعهم، وباتت تؤثر عليهم، وهذا ما يجعلهم يشعرون بنوع من الخوف. وأنه مما لا شك فيه أن قضايا مثل منع الحجاب في المدارس والجدل حول لحم الحلال وبناء المساجد ومنع النقاب على الأراضي الفرنسية هي من بين الأسباب المباشرة التي أدت إلى تدهور صورة الإسلام لدى الفرنسيين.
وفي السياق نفسه وبشكل متزامن، أظهر استطلاع للرأي نشرته لوفيجارو الفرنسية واسعة الانتشار أن 60% من الفرنسيين يشعرون بأن المجتمع الفرنسي منفتح كثيرا على المسلمين، مقابل 67% منهم يعتقدون أن المسلمين لم يندمجوا بصورة جيدة في المجتمع الفرنسي.
وفي أول بادرة رد على نتائج هذا الاستطلاع أكد رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد موسوي، على أن الإسلام وقع ضحية الالتباسات التي زرعت الخوف في قلوب الفرنسيين. فهناك من يربط الإسلام بمشاكل ناتجة عن الهجرة، وآخرون بالإرهاب، الذي هو من فعل أشخاص يقولون أنهم مسلمون.
وأن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يحاول من خلال أئمته وكوادره، تسويق إسلام منفتح بعيد عن التطرف الديني، مشيرا إلى أن هذه الديانة تستغل لأسباب سياسية وأيديولوجية. ويذكر موسوي بأن أغلبية المسلمين في فرنسا يعيشون حياتهم الروحية والدينية بشكل يتناسب مع مبادئ وقيم الجمهورية الفرنسية مثل باقي المتدينين.