السيناريو المؤلم لقصة الطفلة ريهام، التي دس إليها الموت دسا عبر أوردتها بدم ملوث بفيروس "الإيدز"، في مكان يفترض به أن يهب الحياة، ويحرص عليها وبأيدي من يطلق عليهم "ملائكة الرحمة"، الذين تحولوا إلى سفراء للموت، وهم يسوقون طفلة لا حول لها ولا قوة إلى حتفها، هذا السيناريو يقابله سيناريو آخر محتمل وبقوة، يمكن أن تواجهه هذه المسكينة، وتدفع ثمنه على صعيد أكبر وأوسع، دعوني هنا أتساءل: ماذا لو لم يتم اكتشاف الموضوع برمته من قبل المستشفى؟ سوف تشب ريهام وتكبر، دون أن تعلم هي أو أهلها بأمر إصابتها بالإيدز، حتى إذا اكتشف الأمر صدفة وفي أي ظرف من الظروف، حاصرها المجتمع بنظرات الشك والريبة، وأشار لها بأصابع الاتهام، إذ تقف هي وأهلها يواجهون مصيرهم المحتوم سلفا، فمن ينصف ريهام وقتها ويرد مظلمتها؟ ومن سيكتشف تاريخ إصابتها بفيروس الإيدز وسببه في مجتمع يواجه المرأة دائما في أغلبه بالشك والتخوين؟

ولعل الفواجع الكثيرة التي منينا بها من الأخطاء الطبية، تشهد بأن هذا الأمر ممكن الحدوث بشكل كبير في ظل التفريط اللامحدود من هذه الوزارة، والتهاون في التعامل مع حياة الناس وصحتهم. فأخطاء فادحة في تسليم المواليد امتدت لعشرات السنوات، ودفعت ثمنها عوائل بأسرها وتبادل في الجثث، في منظومة إهمال لم يسلم منها حتى الموتى، وأخطاء طبية قاتلة في العمليات والتوليد والإنقاذ، وشهادات مزورة. وفي كل مرة يرتكب فيها خطأ فادح، يسارع المسؤولون إلى تقاذف كرة المسؤولية، خوفا من العقاب، ولا عقاب.. دون أن يحسبوا حسابا لشعور المواطن، الذي بات يرى أنه غير آمن على حياته. ولعل من المعيب جدا أن يخرج أحد المطبلين على القنوات الإعلامية ليربّت على كتف المخطئ. وكان الأجدر به ومن باب الاحترام لسمعة وطننا الغالي ومواطنيه، أن يتم الاعتراف بالخطأ مع الاعتذار الذي لن يصلح الأخطاء، لكنه قد يساهم بعدم تكرارها.