أن تمضي سنة أو سنتان لتحضير فيلمٍ واحدٍ؛ فتلك مدة معقولة في "هوليوود"، لكن أن تمضي خمس سنوات من عمرك، وأن تقود ثلاث مهمات غوصٍ إلى موقع سفينةٍ غارقةٍ وسط المحيط، وأن تخترع نوعاً جديداً من "الروبوتات" قادرة على إرسال صور الحطام من قاع البحر؛ فذلك إتقان للعمل، وشغف لا يمكن فهمه أبداً!
لكن هذا ما فعله بالضبط الكندي "جميس كاميرون" عندما عقد العزم على إنتاج فيلم "تيتانيك"، الذي تحوّل لاحقاً إلى أسطورة سينمائية، حققت 1.8 مليار دولار! واحتلت المرتبة الثانية لأعلى فيلم حقق ربحاً على الإطلاق، ورغم أن نجاح الفيلم يعزوه البعض إلى نجومه الأبطال، أو إلى قصته المأساوية، إلا أن آخرين يؤمنون بأن ما قام به "كاميرون" يتجاوز دوره كمخرج ومنتج.
لقد عشق "كاميرون" السفينة الضخمة "تيتانيك" سنوات طويلة قبل إنجاز الفيلم، مما قاده إلى بناء مجسم حقيقي لها، وسط استديو ضخم يتجاوز حجم حظيرة طائرات، هذا المجسم الهائل احتوى تفاصيل كل شيء.. بداية من رسومات الممرات، إلى طاولات المطاعم، حتى "بلاط" الحمامات، ناهيك عن استقطابه لفريقٍ علمي ضم نخبة المهتمين بالعلوم البحرية، منهم "دون لينش" مؤرخ "تيتانيك"، والفنان "كين مارشال" أخصائي لوحات تجسيد السفينة، ومهندسون من البحرية الأميركية! دون إغفال دفعه المبالغ الطائلة لفريقه الفني، من مصورين وخبراء الخدع السينمائية ومسؤولي الأزياء والديكورات، مما أوصل ميزانية الفيلم إلى 300 مليون دولار! لكنه لم يكن أبداً خائفاً من الفشل، ذلك أنه كان يعمل بقلبه قبل جوارحه، وبإتقانٍ وحرفية يحسد عليها.
الرائع في الأمر أن "كاميرون" لا يزال يصر على أنه "أنجز الفيلم أساساً ليتسنى له اكتشاف حطام السفينة" فقط!