انزعجت "سارة محمد" عندما أخبرتها إحدى جاراتها أن الطفل الذي يكتب باليد اليسرى يعاني من ضعف العضلات، أو أن هناك خللا ما بدماغه، أو بالفص المسؤول عن ذلك، فسارعت به للطبيب حتى تطمئن عليه.
وقالت إن ابنها الأعسر يستخدم اليدين بمهارة في الكتابة، وقد أجادها ويجيد معها كل فنون الخط، ولكنه أكثر إجادة باليد اليسرى، فطمأنها الطبيب نافيا ما زعمته الجارة، وأكد أن الطفل الأعسر لا يعاني من أي مشكلة صحية.
أما المعلمة "عائشة" فقد تجاوزت مرحلة القلق على اثنين من أبنائها قضيا سنوات من طفولتهما وهما يستخدمان اليد اليسرى في الكتابة والأكل، فهما كما تقول ما زالا يكتبان باليد اليسرى، ولكن بالتدريب أصبحا يتناولان طعامهما باليد اليمني.
وتضيف أن التدريب أخذ فترة طويلة، فتارة كان يتم في صورة الترغيب، وأحيانا ترهيب، مشيرة إلى أنهما لا يزالان يكتبان باليمني، إلا أن المهم لديها تناول الطعام باليد اليمنى، خاصة وأن ذلك توجيه ديني ينبغي المحافظة عليه.
ولم يكن هذا حال "عائشة" وحدها، بل حال كثير من الأسر التي ترزق بطفل أعسر يستخدم يده اليسرى في الكتابة والأكل، والذين يؤرقهم ذلك، ويحاولون بشتى الوسائل تغييره على الرغم من أن العسر منذ الولادة.
تقول صالحة النمري، إن طفلتها التي تدرس بالصف الثاني الابتدائي تستخدم اليد اليسرى، وأنها كانت تحرص على إجبارها على تناول طعامها باليمنى وفيمـا عـداها لا يهم مطلقا.
وأضافت أنها استشارت طبيبة أطفال في ذلك، فنفت أي ضرر من استخدام الطفل يده اليسرى في الكتابة، ونصحتها بتدريب الطفل على استخدام يديه معا وخاصة في الكتابة، تفاديا لأي عائق يحدث ليده كالالتواء، أو الكسر أو نحو ذلك".
وعلقت الأستاذ المساعد بكلية التربية قسم التربية الخاصة الدكتورة منى حلمي بقولها إن "الكتابة باليد اليسرى ما هو إلا عملية تبديل في الفصين المسؤولين عن ذلك، مشيرة إلى أهمية مراقبة الأم لـطفلها في مراحل نموه المختلفة، ومتابعة أهم التغيرات التي تحدث له، ومنها إذا كان يعتمد على يده اليسرى في الكتابة.
وأشارت إلى أن التدريب عالج الكثير من الحالات المشابهة، وأكدت أن أي طفل يكتب بيده اليسرى طبيعي، ولا يعاني من أي علل صحية، مضيفة بأن الأبحاث والدراسات دلت على أن الأعسر ذكي، وقدرته على الـتفكير أعلى.
وأوضحت الدكتورة منى أنه "عند تدريب الطفل على الكتابة باليد اليمنى ينبغي أن يبدأ بالكتابة على الرمل حتى لا ترهق عضلة يده، أو أن يكتب الكلمة باستخدام الشمع، ومن ثم يقوم الطفل بتلمسها ليحاكيها باليد اليمنى.
وبينت أن الطفل في فترات نموه يستطيع تعلم الكثير والكثير، ويحاكي الكبار، وأن الأم بإمكـانها أن تـزرع في الطفل ليس فقط الكتابة باليد اليمنى، ولكن ما تشاء من قيم وسلوكيات.