ربما الأهمية الحيوية التي يحملها كتاب خبير التنمية البشرية وأعمال المنظمات الإنسانية الدكتور محمد حسن عاشور أنه يركز على قضايا مفصلية تؤرق بشكل كبير "المنظمات غير الربحية" في جميع المجالات، تتعلق بتسويق ذاتها وما تحمله من مشاريع قيمية وتربوية وإغاثية لمجتمعاتها المحلية، وهو ما قدمه الدكتور عاشور في كتابه الجديد "تأسيس وتطوير إدارات التسويق في المنظمات غير الربحية"، عبر نماذج عملية مرنة.

نقطة أخرى يشير إليها الخبراء في هذا المجال هي أن أكبر عامل يصيب المنظمات غير الربحية هو غياب أقسام التسويق الفاعلة، لذلك يقرر عاشور في كتابه أن وجود تلك الإدارة أصبح ضرورة حتمية لا بد منها لمواكبة المتطلبات المتزايدة للأسواق والعملاء، لتكون قادرة على تغطية التزاماتها نحو الداعمين والمستفيدين والعاملين فيها على حدّ سواء.

يأتي الكتاب في طبعته الأولى ليشكل معالم بارزة على طريق التأسيس القوي والمتين لإدارات التسويق في المنظمات غير الربحية، أو تطوير الإدارات الموجودة التي تفتقد إلى بعض الأدوات العملية لتقويم مسارها.

يؤكد عاشور أيضاً أن التسويق يلعب دورًا مهما واستراتيجيًا في نجاح المنظمات، وفي نجاح العمل على وجه العموم، فيقول:" إن المال هو عصب الحياة، والتسويق هو الطريق للوصول إلى ذلك، إذ هو الوظيفة الوحيدة التي تُعنى بتنمية الموارد المالية للمنظمة، وبالتالي هو جزء ضروري من دورة حياة المنظمات غير الربحية". ويضيف أنه لا قيمة للمنظمات غير الربحية من دون مال يسند مشاريعها، فهي تستطيع من خلاله تنفيذ برامجها ومنتجاتها، إضافة إلى أنه يعد فرصة ذهبية لتكوين الصورة الذهنية الجيدة عن المنظمة.

وصورة دلالية أخرى يحملها الكتاب وهي إشارة للمنظمات غير الربحية بعدم التعامل مع المتبرعين كصورة مبتورة، بل يطور المفهوم بشكل تقني متقدم حينما يوجه دفة التطوير في التعامل معهم باعتبار أنهم مجموعة العملاء الحاليين أو المرتقبين الذين تتوفر لديهم الحاجة والرغبة، والقدرة، والصلاحية (السلطة) في اتخاذ قرار الشراء (الدعم).

وبنقد مباشر - ومن خلال الخبرة الطويلة للمؤلف في هذا المجال- لقيادات العمل الإنساني بشقيه المدني والخيري- التي قال إنها لا تهتم عادة بأقسام وإدارات التسويق، وحصرت اهتماماتها بـ"الهبات الموسمية" وردة الفعل على المجازر والمآسي التي تحدث في العالم، والتي عبر عنها في حديثه إلى "الوطن" بإدارة "الفزعة" بدلاً من "التأسيس المنهجي"، لذلك – وفقا له- جاء الكتاب لنقل تلك المنظمات من (رد الفعل) إلى صناعة (الفعل)، ورفع مستوى القناعة بأهمية إدارات وأقسام التسويق.

عاشور يوضح أن خارطة المنظمات في المنطقة العربية بنسبة 90 % لا تحمل في طياتها توجهاً تطويرياً في تنمية الموارد المالية بطريقة احترافية ومنهجية علمية، إذ تعتمد في ذلك على شبكة العلاقات الخاصة دون اعتماد على تأسيس أقسام التسويق الفعّالة.

الكتاب كان أقرب للمناهج العملية التطبيقية منه إلى التنظير الفلسفي البعيد عن الواقعية، إذ أسس المؤلف من خلال تجربته نماذج علمية جديدة جديدة ومبتكرة، وفي نفس الوقت قابلة للتطوير، تخدم عدة أهداف، وتصلح لكل أنواع المنظمات غير الربحية. أيضاً ظهرت الاستفادة من التجارب الأوروبية والأميركية التي تطورت كثيراً في هذا المجال المهم وتقدمت بأشواط كبيرة عن التجربة العربية في الخدمة الإنسانية المدنية.

7 فصول منهجية مثلت الأساس المعرفي للكتاب الذي حظي برعاية مؤسسة عبد الرحمن بن صالح الراجحي وعائلته الخيرية. تحدث الكتاب عن الأسس المهمة في إنشاء إدارات التسويق غير الربحي، وواقع المنظمة التي تنشد تأسيس قسم للتسويق فيها. قد يكون الفصل الرابع هو أهم فصول الكتاب الجديد الذي أكد على مهام الموظفين وبيان أوصافهم الوظيفية، وضرورة تدريبهم وتأهيلهم، ومن خلال الخطط التشغيلية والتنفيذية المستنبطة من الخطة الاستراتيجية لإدارة التسويق، كما بحث الفصل الخامس كيفية تحويل الأهداف الاستراتيجية إلى أهداف سنوية موزعة حسب الهيكل التنظيمي لإدارة التسويق، وما يتعلق بذلك من موازنات تشغيلية مهمة.


معلومات عن الكتاب


•الكتاب: تأسيس وتطوير إدارات التسويق في المنظمات غير الربحية.

•الطبعة: الأولى 2012.

• المؤلف: د. محمد حسن عاشور.

•الناشر: مؤسسة أم القرى للترجمة والنشر والتوزيع.

•عدد الصفحات: 116 صفحة.

•التحرير والمراجعة اللغوية: عبد الرحمن بن حلي.