معظم العناوين الإعلامية لهذا الصباح (الاثنين) تباري بعضها البعض في أخبار تدشين الدورة الجديدة لمجلس الشورى الموقر، وسواد العناوين الأغلب توجهت نحو (المرأة) تحت القبة بوصفها الحدث والقصة الطارئة رغم أن كل شعوب العالم قد تجاوزت منذ عقود من الزمن هذه (الصورة) التي ما زالت تأخذنا بالفجأة والدهشة. كل هذه (الفانتازيا) من البهارات على مائدة الشورى قد تنسينا السؤال الأصل: هل تعتقد أن المجلس الموقر - بعد هذا الرصيد من الدورات المتتالية - قد غير شيئا في حياتك بجزأيها الخاص والعام، وهل لمست على الواقع شيئا من القرارات والقوانين التي لامست همومك اليومية؟ هل قلبت أوراق الصحف ذات يوم بعيد فوجدت أن المجلس يدرس قضية أساسية من حياة الناس ثم جئت لذات القضية بعد عامين لتجدها (ميسورة) بفضل القرار الشوروي؟ على المستوى الشخصي، سيكون جوابي مسكونا كالعادة بهاجس النفي القاطع وربما كان السبب ضعف متابعتي لما يحدث بالشورى، وربما أيضا لأن المجلس نفسه ضعيف في إيصال فعله الواقعي كي يعرفه الجمهور، وربما ثالثا، وأرجو ألا يكون هذا صحيحا أن المجلس تعود سحب القضايا المعلبة من أعلى (ثلاجة) المركون في مستودعات قضايانا الهامشية. المطلوب من المجلس الموقر أن يبرهن لنا جميعا أنه تجاوز مرحلة التصويت على تقارير هيئة المواصفات والمقاييس أو نقاش بروتوكول التعاون الثنائي مع أوزبكستان وأخواتها السبع. المواطن لا يهمه بضعة ملايين شاردة من كشف حساب الخطوط السعودية ولا شكل (علبة) الحليب لأن المواطن بكل صراحة يتحدث اليوم عن أن تكلفة (وجود) مجلس للشورى من المال العام أكبر من القبض على بضعة أخطاء مالية في الحسابات النهائية للهيئات الوطنية المختلفة. سنكون أكثر وضوحا وصدقا إذا ما قلنا إن المجلس الموقر يفتقد للرصيد الشعبي وبينه وبين الجمهور اهتزازات ثقة. النظرة الشعبوية له أنه ناد نخبوي لا يعكس صوتا لعامة جمهوره الافتراضي. هنا يكمن قياس التأثير حين نجيب على هذا السؤال: ما الذي سيحدث في حياتك لو أن (طارئا) أقفل باب الشورى لشهرين؟ وما الذي سيحدث لو أن (طارئا) آخر أقفل أبواب التعليم أو الصحة؟