على الرغم من انخفاض القوة الشرائية للفرد بشكل عام، إلا أن أسواق الملابس الرجالية في المملكة، ما زالت تواصل نمو مبيعاتها بوتيرة مستقرة ما بين 3 إلى 5%، حيث إن النمو السكاني عادل كفة نمو أسواق الملابس الرجالية، في حين شهدت الأسواق خلال الأيام الماضية إقبالا أقل من ذلك الذي شهدته خلال موسم رمضان الفائت.

وبحسب متعاملين في السوق، يبدو أن الأسر في المملكة أعادت ترتيب أولويات عملياتها الشرائية، بسبب تقاسم ضروريات الحياة من سكن ومواد غذائية ونقل، والتي تستقطع الحصص الكبرى من ميزانية الأسرة، مما أثر على التوقعات بنمو كبير في مبيعات الملابس الرجالية، حيث أوضح بائعون بأسواق الملابس الرجالية لـ"الوطن" أن القوة الشرائية للفرد الواحد انخفضت عن السابق، إذ باتوا يحرصون على تقليل كميات الشراء.

وقال تجار في مجال الملابس الرجالية إن ارتفاع الأسعار بالنسبة للملابس بشكل عام لا يقارن بارتفاع منتجات وخدمات قطاعات أخرى، إذ إنها لم تتعد في أقصاها حاجز الـ30%، مرجعين هذه الارتفاعات إلى حالة التضخم وغلاء الأسعار التي يعيشها العالم.

مقابل ذلك، قال المستهلك خالد السهلي، إن حمى ارتفاع الأسعار في المواد الضرورية للحياة من غذاء وغيرها، حدت من عمليات شراء الملابس في كل موسم، حيث أصبح يجري عملية التسوق له ولأبنائه من موسمين إلى آخرين يصاحب ذلك تقليل في كميات الملابس من أثواب وأشمغة وبناطيل وقمصان وغيرها، حيث إنه لم يعد كالسابق يقتني ثلاث قطع أو أكثر.

وعن الأسباب التي دفعته لذلك، قال إن عمليات التضخم التي أصابت مجالات الحياة كافة، دفعته لإعادة النظر في وضعه وترتيب أولوياته، لا سيما في هذا الوقت الذي يعد وقت تعاقب مواسم شرائية ينبغي للأفراد محدودي ومتوسطي الدخل الانتباه لها كثيرا والتوقف أمام كل عملية لحساب الميزانية.

من جهته، يرى البائع في أحد محلات الملابس الرجالية مختار أحمد، أن سوق الملابس الرجالية شهد خلال الفترات الماضية إحجاما عن بعض السلع، خصوصا الفئات الغالية نسبيا منها، في ظل وجود خيارات عدة بأسعار منافسة، إضافة إلى أن كثيرين قلصوا من مشترياتهم، مرجعا السبب في ذلك إلى ارتفاع تكلفة المعيشة.

وقال مختار إنه على الرغم من نمو سوق الملابس الرجالية بنسبة تتراوح بين 3 و5% على أساس سنوي، فإن قطاعات أخرى وتضخم البضائع المستوردة أثرا في ارتفاع أسعار الملابس الرجالية نسبيا خلال الأعوام الأربعة الماضية، الأمر الذي حتم على المستهلكين إعادة ترتيب أولوياتهم وتقليص شرائهم للملابس، ولا سيما أن الملابس تحتل المرتبة السادسة في أولويات الأسرة في المملكة. وأشار في حديثه لـ"الوطن"، إلى أن آخر أيام شهر رمضان الكريم، شهد ارتفاعا في إقبال الأفراد على شراء الملابس الرجالية، لكن بدا واضحا تقليصهم لعدد الملابس الرجالية من أثواب وأشمغة خصوصا، في حين كان المستهلكون في السابق يحرصون على اقتناء أكثر من قطعتين لبعض المنتجات، في حين لم تشهد فترة عيد الأضحى خلال الأيام الماضية إقبالا مثل موسم رمضان.

واستبعد أحمد أن تشهد أسواق الملابس الرجالية وبعض القطاعات الأخرى انخفاضا في الأسعار أو حتى ارتفاعا، مبينا أن أي ارتفاع يطرأ بعد ذلك لن يكون أعلى من الارتفاعات التي أصابت الأسواق خلال السنتين الماضيتين.

ولفت مختار إلى أن المستهلكين، استوعبوا الارتفاع في الأسعار خلال هذا العام، بعد أن فوجئوا العام الماضي، حيث برر واقع حال الأسواق في مختلف القطاعات محليا ودوليا ارتفاع أسعار الملابس، التي هي أيضا تعاني من ارتفاع أسعار المواد الخام عالميا، مشيرا في الوقت ذاته إلى زيادة وعي وإدراك المستهلكين بما في السوق، إذ إن الكثيرين يحرصون على المنتجات غير المقلدة.

ووسط سوق المستلزمات الرجالية في المملكة، التي يقدر حجمها بنحو 4 مليارات ريال، وعلى الرغم من النمو المتواصل لحجم السوق، فإن تجار سوق الملابس الرجالية أكدوا لـ"الوطن" وجود انخفاض في القوة الشرائية للفرد، خلال العامين الماضيين، مرجعين الأسباب في ذلك إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في المملكة ودوليا، في حين ما زال السوق يواصل نموه على أساس النمو السكاني.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تتميز فيه أسعار الملابس الرجالية التقليدية في المملكة بارتفاع طفيف منذ عامين، والتي تتمثل في الملابس الوطنية الرسمية، ابتداء من الأشمغة والغتر البيضاء مرورا بالأثواب والأقمشة، وصولا إلى الملابس الداخلية البيضاء، والقمصان والبناطيل ومختلف منتجات الأقمشة.

من جهته، قال بائع آخر، إن سوق الملابس الرجالية تشهد نموا خفيفا، واستقرارا نسبيا في أسعار السلع مقارنة بالعام الماضي، حيث إن نسب الارتفاع ليست بالكبيرة، مشيرا إلى أن السوق تشهد استقرارا منذ عامين، حيث بدا واضحا انخفاض في القوة الشرائية للفرد على الرغم من الإقبال خصوصا خلال شهر رمضان الماضي الذي يعد أفضل مواسم الأسواق الرجالية.