دخل عملاقا جدة فصلا جديدا من الجدل بعد صراع ملتهب دام لأسابيع بدأ بمعركة "تأجيل" مباراتهما الدورية وانتهى بمسرحية "التقسيم" التي صاحبت مواجهتيهما الآسيوية، وتحول الجدل هذه المرة نحو أنصار الناديين متخذا مسارا مختلفا حيث بات شأنا داخليا لا علاقة للمنافس بتفاصيله وإن تشابهت، وكان بطلاه محترفي الفريقين، البرازيلي دييجو دي سوزا "الاتحاد" والأرجنتيني دييجو موراليس "الأهلي" بسبب الأداء الباهت للاعبين منذ التعاقد معهما بداية هذا الموسم، خاصة وأن صفقتي الثنائي تعدان الأعلى رقميا بين جميع التعاقدات الأجنبية التي أتمتها الأندية السعودية هذا الموسم، بحسب موقع التعاقدات العالمي الشهير Transfer Market حيث استنزف موراليس الخزانة الأهلاوية لـ5.5 ملايين جنيه إسترليني فيما كلف ارتداء سوزا للقميص الاتحادي 4 ملايين جنيه إسترليني.


موراليس

بدت الدقائق القليلة التي شارك موراليس فريقه الأهلي في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال آسيا أمام جاره الاتحاد الاثنين الماضي، كافية لتقسيم الأهلاويين إلى معسكرين متضادين حيث يرى المنتقدون أن ما قدمه اللاعب فنيا لا يوازي إطلاقا ما يتقاضاه ماديا حتى إن البعض لم يتردد في الإفصاح عن أمانيه للجهاز الفني بعدم إشراكه والاستفادة من موقعه بعناصر محلية أكثر حيوية وعطاء، كياسر الفهمي "في حال شفائه" وعبدالرحيم جيزاوي، ولم يترددوا أيضا في مطالبتهم لإدارة النادي ببدء البحث عن بديل قبل فترة كافية من حلول موعد فترة التسجيل الشتوية بعد شهرين من الآن.


أحكام متعجلة

ولم يعد خافيا أن تلك النبرة الغاضبة تحركها خيبة أمل أصحابها في عدم قدرة موراليس على ملء الفراغ الكبير الذي تركه رحيل البرازيلي كماتشو الذي شكل عنصرا أساسيا في توهج الفريق الموسم الماضي، وهو ما يراه المعسكر الآخر مقارنة غير منطقية استنادا إلى حداثة تجربة الأرجنتيني الاحترافية، فكماتشو "32 عاما" يقضي موسمه الثامن في الملاعب الخليجية، حتى إن موراليس أفصح لمقربين منه استمرار شعوره بالغربة، وأنه بحاجة لمزيد من الوقت والانسجام قبل أن يظهر بما هو معروف عنه، فيما اعتبر المؤيدون أن مشاركات اللاعب مع الفريق غير كافية إطلاقا لإطلاق أحكام فنية دقيقة، مستشهدين بأن الإحصائيات المسجلة توضح أن موراليس "25 عاما" شارك الأهلي فعليا 314 دقيقة في دوري زين، تمثلت في 4 لقاءات أساسيا "أستبدل في 3 منها" وشارك في لقاء فقط كبديل، أحرز خلالها هدفا وحيدا "ركلة جزاء" وصنع آخر، أما في دوري أبطال آسيا، فسجل اللاعب حضوره أساسيا في مواجهتي ربع النهائي أمام سباهان الإيراني وتم استبداله خلالهما في الدقيقتين 90 و72 على التوالي، في حين شارك أمام الاتحاد في ذهاب نصف النهائي كبديل في الدقيقة 76، وإجمالا خاض 176 دقيقة آسيوية.





ترهل بدني

وأسهمت الحالة البدنية لموراليس لحظة وصوله في تقليص فرص ظهوره بشكل مثالي مع بداية مشاركاته وهو ما شكل "صدمة" لأنصار الأهلي الذين انتظروا الكثير من اللاعب، بعدما تابعوا تألقه مع فريقه الأرجنتيني تيجري في "كليبات" حديثة عبر "اليوتيوب" بيد أن آمالهم بخرها سريعا "البطء" الشديد في حركة اللاعب رغم عمره الصغير، وهو ما دفع اللاعب أخيرا وبإيعاز من الجهاز الفني إلى الخضوع لبرنامج لياقي مكثف لاستعادة عافيته بدنيا، وظهر ذلك بوضوح شكليا في لقاء الفريق الأخير أمام الاتحاد دون أن يتغير أداء اللاعب، وهو ما برره المؤيدون لاستمراره بأن توقيت مشاركته لم يكن ملائما في ظل تأخر الفريق بالنتيجة وحالة الارتباك التي سادت زملاءه في ربع الساعة الأخير بعد تعرض أكثر من لاعب إلى إصابة عضلية.


دي سوزا

على الطرف الآخر يتعرض البرازيلي دييجو دي سوزا إلى انتقادات مماثلة من قبل أنصار الاتحاد أججها حضوره المتواضع في القمة الآسيوية، وضعه تحت سياط نقد جماهيري تضاعفت حدته خاصة وأن أداء اللاعب أمام الأهلي لم يكن مفاجئا للاتحاديين وهم من لمسوا تراجعه تدريجيا في مباريات قبلها، والمثير للاستغراب أن دي سوزا "27 عاما" قدم نفسه بصورة مثيرة خلال مشاركته الأولى بالقميص الأصفر والأسود عندما تألق أمام الاتفاق "محليا" وأسهم في صناعة أهداف فريقه الثلاثة، وعاد في اللقاء التالي أمام النصر ليحرز هدف اللقاء الوحيد للاتحاد بيد أن أسهم نجوميته بعدها بدأت في الهبوط حتى بلغت أدنى معدلاتها في قمة الذهاب الآسيوية.


عدم التزام

ويعزو الساخطون على أداء دي سوزا أن اللاعب بات منشغلا بأمور بعيدة عن المستطيل الأخضر لعل أبرزها عدم التزامه ببرنامجه اليومي "خارج أسوار النادي" والمفترض تطبيقه من قبل لاعب محترف بحجمه، خاصة وهو يرهق الخزانة الاتحادية شهريا، ويتوجب عليه بالتالي تقديم ما يوازي تلك الملايين، حتى جاء تألق الشاب فهد المولد هذا الموسم ليعزز من مطالب الجماهير الاتحادية بضرورة التخلي عن دي سوزا ومعالجة الخلل الواضح في الخطوط الدفاعية للفريق بعنصر أجنبي بديل مع وصول فترة الانتقالات الشتوية.


أجواء جديدة

في المقابل لم يخالف المؤيدون لبقاء اللاعب نظراءهم في الأهلي بشأن موراليس، كون دي سوزا "27 عاما" القادم من فاسكو دا جاما يخوض تجربته الأولى خارج البرازيل، وبحاجة لوقت أطول للوصول إلى الانسجام ليس مع الفريق فقط بل ومع أسلوب حياة مغاير عما اعتاد عليه، وشددوا على أن حضوره مع الاتحاد لم يتجاوز 441 دقيقة محليا، خاضها جميعا كأساسي في 5 مباريات واستبدل في واحدة منها، أحرز خلالها هدفين وصنع ثلاثة، أما آسيويا فحضر أساسيا أمام جوانزو الصيني ذهابا وإيابا والأهلي ذهابا، واستبدل في لقاءي جوانزو والأهلي في الدقيقتين 86 و81 على التوالي، ما يعني مشاركته داخل المستطيل الأخضر 257 دقيقة، زار الشباك خلالها مرة واحدة، وهي أرقام تثبت أن الأحكام الصادرة بفشل اللاعب متعجلة ومخالفة للمنطق.


اتفاق كانيدا وياروليم

أداء موراليس ودي سوزا، دفع مدربي الفريقين، التشيكي كارل ياروليم والإسباني راؤول كانيدا، للخروج عن تحفظهما للمرة الأولى بعد مباراة الذهاب الآسيوية، وأفصح الاثنان علنا عن عدم اقتناعهما بما يقدمه اللاعبان دون أن يكشفا عن نيتهما مستقبلا تجاه الاستعانة بخدماتهما بمنحهما فرصا جديدة أو اللجوء لحلول أكثر جدوى، وبعيدا عن أي تكهنات ليس أمام المدربين خيارات عديدة مع تقارب مواعيد مباريات فريقيهما بداية بالإياب الآسيوي الأربعاء المقبل والذي يراه الكثيرون فرصة لا تعوض للاعبين لتغيير صورتهما الباهتة فنيا، خاصة وأن الحصاد سيكون الحضور في نهائي القارة الأكبر في العالم.