أكتب قبل حفل جوائز الأوسكار 85 والترشيحات تتجه نحو فيلم "لينكولن" للمخرج ستيفن سبيلبيرج، وهو من أقل الأعمال جمالية التي تحركت عليها أصابع المخرج المعروف، والأميركان قوم مهووسون بتاريخهم، لذا لن أستغرب إذا حصد الجوائز، خصوصا في ظل تضاؤل المنافسة هذا العام، طبعا إذا تجاوزنا فيلم "هيتشكوك" الذي يستعرض مرحلة في سيرة المخرج أستاذ أفلام الرعب مدعوما بأداء عبقري لـ"أنتوني هوبكينز" أستاذ أفلام السيرة وخبرة هيلين ميرين المتراكمة، لكن الإشكال أنه يوجه اتهامات لشركات الإنتاج السينمائي في "هوليوود"، لذا فليس من المعقول أن تكافئه بجوائز أو ترشيحات.

يناقش لينكولن أهم رموز أميركا السياسية في مرحلة التأسيس، وعلى عكس نهج أوليفر ستون الجدلي الكاشف حول شخصيات الرؤساء الأميركيين الذين تناولهم في أعماله يأتي فيلم سبيلبيرج الجديد متناولا الصراع الذي عاشه لينكولن لإقرار قانونه الشهير ضد العبودية. وإذا كان هناك ما يستحق الإشادة في العمل فهو الأداء الهائل للممثل الشهير دانييل دي لويس. لعب لويس أدوارا مذهلة في مسيرته المكللة بالإبداع، أشهرها على الإطلاق فيلم "قدمي اليسرى" 1989 ، والذي استلهم سيرة فنان ولد معاقا باستثناء قدمه اليسرى راسما بها لوحات رائعة، وقد يدخل فيلم "أرغو" مؤزرا بجوائز "جولدن جلوب" قبل شهر، والتي عادة ما تعد مؤشرا على الاتجاهات التي قد ينحو لها حفل الأوسكار، لكن في كل الأحوال لا أعمال استثنائية ولا مدهشة هذا العام، وعالم السينما لا ينظر بكثير من الاحترام لجوائز الأوسكار ويراها مجرد ديكور تسويقي لفكر أميركي تجاري النزعة تديره شركات الإنتاج ذات الميزانيات الهائلة، في حين أن المهرجان السينمائي ذا الصدقية الأول هو "كان" الفرنسي، يليه "برلين" الألماني، ثم "فينيسيا" الإيطالي.. بعدها بدرجة أقل تورنتو الكندي وسان سباستيان الإسباني. وإذا ما تحققت الترشيحات التي ذهبت لفيلم "لينكولن" فإن موسما سيئا آخر يضاف لمسيرة هذا المهرجان الذي يتراجع عاما بعد آخر، ولن ينقذه سوى أعمال استثنائية وانفتاح على سينما العالم.. وهذا ليس واضحا في المنظور القريب.