انقضت الأيام العشر من عمر "مهرجان أبوظبي السينمائي" في عامه السادس بعد عرض 200 فيلم من 48 دولة، وتوزيع جوائز اللؤلؤة السوداء التي بلغت قيمتها 775 ألف دولار أميركي تنافس عليها 66 فيلما، وشارك في متابعة فعالياته 600 صحفي وإعلامي من مختلف دول العالم احتشدوا في عرس سينمائي كبير بقصر الإمارات بمدينة أبوظبي.

بابتسامة عريضة استقبل أكثر من 400 شاب وفتاة متطوعين ومتدربين من جنسيات مختلفة من المقيمين في دولة الإمارات، ضيوف المهرجان من التاسعة صباحا وحتى الواحدة بعد منتصف الليل طوال أيام المهرجان، وقدموا لهم كل التسهيلات للتمتع بمتابعة الفعاليات.

أصبح المهرجان في عامه السادس واحدا من أهم مهرجانات السينما في العالم العربي، حيث انفرد بالعرض العالمي الأول للعديد من الأفلام منها "عطور الجزائر"، و"حراقة بلوز" من الجزائر، والتونسي "مانموتش"، والوثائقي المصري "البحث عن النفط والرمال"، وأفلام العرض الدولي وهي التي عرضت في بلدانها فقط، وأفلام العرض الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنها الروسي "خيانة"، والفرنسي "جيبو والظل"، والتركي "أعراف"، والبريطانيان "كل يوم"، و"بريق روبي"، وأفلام العرض الخليجي الأول مثل "لا" التشيلي.

شهادة نجاح

يرى النقاد والإعلاميون الذين حضروا الدورات السابقة للمهرجان أن هذه الدورة هي الأقوى من حيث التنظيم، وأهمية الأفلام، وإقبال الجمهور، وهي بداية للفت انتباه العالم إلى العرب.

يقول رئيس قناة نايل سينما المخرج المصري عمر زهران إن "هناك تطورا ملحوظا في إدارة وتنظيم فعاليات المهرجان، واللافت للنظر أن اللغة العربية أصبحت اللغة الأولى، والإقبال الجماهيري الكبير، وحرص عدد كبير من نجوم صناعة السينما على الحضور".

شباك التذاكر أكد أن معظم العروض كانت كاملة العدد، ولم نستطع الحصول على تذاكر لأفلام نريد مشاهدتها مرة أخرى، فكثيرا ما كنا نسمع "عفوا.. لا توجد تذاكر ويمكن وضعك على قائمة الانتظار، أو التوجه إلى قاعة العرض، وفي حال وجود أماكن سوف يسمحون لك بالدخول ببطاقة المهرجان".

إدارة إماراتية عربية

تميز المهرجان هذا العام بطعم خاص في الدورة الأولى التي يديرها المخرج والممثل الإماراتي علي الجابري، الذي كانت أولى خطواته تغيير معظم العاملين في المهرجان، لتصبح الإدارة إماراتية عربية بالكامل، وأثبتت الإدارة الجديدة أن المهرجان قادر على مزج فعاليات كثيرة ومتنوعة واستضافة صناع السينما من كافة أنحاء العالم.

لم يعتمد المهرجان على النجوم لتحقيق النجاح، بل بنقل الخبرات العالمية في فنون الصناعة للحضور بعقد حلقات دراسية في المونتاج أدارتها الخبيرة العالمية فرانسو بون الحاصلة على جوائز البافتا، والأوسكار، وورشة عمل لمهندس الصوت العالمي مايكل برومبيرج بعنوان "كيف تضع تصميما صوتيا وسمعيا ممتازا للأفلام منخفضة الميزانية".

قال علي الجابري في كلمته الختامية إن "الفضل في نجاح هذه الدورة يعود لجميع من شاركوا في المهرجان من سينمائيين وإعلاميين، والدعم والرعاية اللذين أولتهما المؤسسات الثقافية الرسمية وحكومة أبوظبي لهذا الحدث السنوي المهم والجمهور الذي ستكون له الكلمة الأخيرة في تقييم هذا الحدث.

وأضاف أن "جمهور وصناع السينما قضوا في أبوظبي عشرة أيام مفرحة، كانت نتيجة لجهود عام كامل من الاستعداد، والآن لدينا عام كامل للاستعداد للدورة السابعة التي ستكون إضافة نوعية لهذا المهرجان، ولفن السينما".

"ما نموتش"

أثار الفيلم التونسي "مانموتش" للمخرج نوري بوزيد الحاصل على جائزة أفضل مخرج من العالم العربي، جدلا كبيرا في الندوة التي تلت عرض الفيلم، حول طريقة تناوله لقضية التطرف الديني

تقول بطلة الفيلم الممثلة التونسية سهير بن عمارة أن "الثورات أدت إلى تغيير شكل الرقابة على السينما دون أن يتغير المضمون، ففي هذه الأيام تعاني السينما من الفوضى السياسية الحاصلة، وازدادت سلطة التيارات المتشددة في تونس، مما ترك أثرا سلبيا في السينما والحياة الاجتماعية بشكل عام". وأضافت "الآن يحاول البعض في تونس تطبيق قانون قوامة الرجال على النساء بشكل خطأ في الحياة اليومية، والتي ستلقي بظلالها على العمل السينمائي، وهذا سوف يخلق رقابة وموضوعات جديدة تطرح في السينما، ففي الوقت الذي كان يحاول فيه السينمائي بث رسائل ضد النظام السياسي من خلال أفلامه، سيحاول اليوم بث رسائل ضد التطرف الديني".

خمسينية الجزائر

احتفالا بمرور 50 سنة على استقلال الجزائر احتفى "أبوظبي السينمائي" بالسينما الجزائرية ببرنامج خاص ضمن فعاليات المهرجان بالتعاون مع الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي.

شاركت واحدة من أشهر فرق الفنون الشعبية الإماراتية بتقديم عرض فلكلوري صاحبها عرض للصقور العربية.. الفرقة قدمت عرضها دون مقابل تحية من الشعب الإماراتي إلى الشعب الجزائري. شهد العرض وشارك فيه أبطال ومخرج فيلم "عطور الجزائر".

قال مدير البرمجة العربية في المهرجان انتشال التميمي "حرص المهرجان على عرض عشرة أفلام جزائرية طويلة وقصيرة، منها أفلام تعرض لأول مرة خليجيا، وأخرى تشارك بمسابقة الأفلام الطويلة.

وأضاف "شهد المهرجان حضورا قويا من صناع السينما الجزائرية، والفنانين، والنقاد، والمنتجين الجزائريين ليشاركوا في هذا الحدث الذي يقام بوصفه برنامجا موازيا لفعاليات المهرجان".