سعى الفنان التشكيلي السوداني الدكتور الطيب الحضيري إلى بث رسائل نصية بصرية للجمهور تختلف بشكل كبير عن اللغة اللفظية تعبر عن حالة الانتظار وما ينشأ عنها من عمليات وجدانية عميقة بين الإنسان ونفسه من جهة، وبين الإنسان والآخر من جهة أخرى وفق تعبيرية رمزية، ووجوه ترسم الأمل رغم استطالة هذا الانتظار، وذلك من خلال معرضه (انتظار) بصالة داما آرت بجدة الذي قدم للجمهور 30 عملا فنيا موزعة على 19 وحدة تشكيلية تمثل مجموعة بورتريهات.

المتابع لأعمال الحضيري يلحظ فيها النزعة الأفريقية بتعبيريته الفطرية وألوانه الحالمة ذات البعد الميتافيزيقي. وعلى الرغم من تعددية الشخوص في أعماله إلا أننا نجدها تندمج في شخصية واحدة لتعبر عن انتظار طال انتظاره.

ويرى عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز عصام العسيري في هذا المعرض أنه لا بد أن يكون للمتلقي دور في عملية الحوار البصري وإدراك وتحليل الموضوع الجمالي المطروح أمامه، وكيف أن الحضيري يقدم للجمهور مفتاحا يدخل من خلاله إلى القضية، يتطلب من المشاهد البحث عن المفهوم النسبي للانتظار، فالبعض ينظر له كمن ينتظر بلهفة شخصا ما ومنهم من ينتظر بشوق تحقيق هدف ومن ينتظر بثقة النصر أو الرحمة، فلكل إنسان حالته النفسية الانفعالية الخاصة أثناء عملية الانتظار، مثل: القلق، والملل، أو الاسترخاء، والبرود، وأضاف العسيري بأن وجه الإنسان بمكوناته يظهر بجلاء مشاعره، وعواطفه، إضافة إلى حالته الوجدانية، وقد نجح الطيب في عرض تجربته باقتدار.

أما الدكتور سعيد أفندي فأظهر إعجابه واستحسانه بما شاهده من أعمال فنية تحتوي على قيم فنية وجمالية، وطرق إبداعية في رسم البورتريه تختلف عما كان يشاهده واعتاد عليه من قبل، وأنه يشعر بالسعادة للقائه كوكبة من الفنانين التشكيليين والجمهور الفني، كما سره ما سمع من بعضهم عن الدور الذي يلعبه الفن في تربية وتنمية المجتمع. بينما يرى الفنان هشام بنجابي أن تجربة الطيب تؤكد النفس السوداني في الرسم الذي بات من السمات والصيغ المتميزة في معارض السودانيين هنا، وقد تسرب هذا التأثير لأعمال فنانين سعوديين كثيرين بحكم تواجد الفنانين السودانيين كمعلمين للتربية الفنية منذ الستينات من القرن العشرين.

يذكر أن الحضيري أستاذ لتكنولوجيا التعليم بكلية التربية بجامعة الملك عبدالعزيز، شارك في كثير من المعارض التشكيلية المحلية والدولية، وأقام أكثر من ثمانية معارض شخصية في المملكة والسودان. وعن رأيه في الفن التشكيلي السعودي ذكر الحضيري بأن التشكيل السعودي يحظى بدعم واهتمام كبير، ما جعل الفنان التشكيلي السعودي يتقدم بكل صدق وحب لينافس فنون الدول المتقدمة، على حد قوله.