مؤلم أن تقتنع بأنك "كاذب"، حتى لو لم تقصد الكذب.. فقط لأنك صدقت مسؤولا ونقلت "بشرى" إلى المواطنين، فأصبحوا يطاردونك بـ"الأسئلة" التي تبدأ بـ"متى" وتنتهي بعلامة (تعجب)!.
كثير من الصحفيين يفرح بـ"السبق"، فيزف خبرا مفرحا للمواطنين، متجنبا اسم المسؤول الذي صرح له احتراما لرغبته.. فلا تتحقق البشرى، وربما ينفيها المسؤول حين يطول الوقت.. ويؤكد أن إدارته لم تصرح بها..!.
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع"..
قبل 4 أشهر كتبت هنا عن قضية الشاب عادل العنزي وشقيقته عزيزة، اللذين يعيشان بلا هوية رغم أنهما من أب سعودي الجنسية وأم كويتية الجنسية، فحرما من الهوية السعودية؛ لأن والدهما يخشى النظام كونه عسكريا سابقا تزوج من غير سعودية، فيرفض الذهاب إلى الأحوال المدنية؛ ولأن مدير فرع الأحوال المدنية بالحدود الشمالية يتعامل مع المعاملة على أنها "ورق" لا تبليها السنون، ولا يفكر بأن وراءها شابا وفتاة يتألمان يوميا.. فإخوتهما ووالدهما ووالدتهما يعرفون إلى من يعودون، وهما بينهم لا يعرفان إلا "المجهول" في الحاضر والمستقبل..!.
وقد تلقيت بعد المقال اتصالا من مستشار وكالة الأحوال المدنية مسؤول الفروع سليمان السحيم، أخبرني فيه أن وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية قرأ المقال، ووعد بحل القضية وإنهاء المعاناة، وطلب مني أن أوصلهما بعادل وشقيقته.. فأثنيتُ عليهما في إحدى الفضائيات، وأصبحت "كاذبا" أمام المظاليم "عادل وعزيزة"، فلم تتحرك معاملتهما، ولم يستجد عليهما إلا العناء!.
عادل وعزيزة أنموذج مؤلم لأسر تعيش بكاملها بلا هوية أو بهوية "منقوصة"؛ لأن لها معاملة في مكتب أحوال، وكلها تنتظر منذ سنوات إنجاز معاملاتها من وإلى الأحوال المدنية..!.
(بين قوسين)
الدولة فعلت الكثير لإنهاء قضية "البدون"، ومنحت الكثير منهم الجنسية، فلم يبق إلا من لهم معاملات في الأحوال المدنية.. وتأخيرها يفاقم القضية ويضخم المعاناة ويعقد الحلول!