كتب 265 عضوا في البرلمان الإيراني، بمن في ذلك رئيس البرلمان علي لاريجاني، رسالة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي يوم الأحد جاء فيها: "نرجو أن تقبل اعتذارنا المخلص"!
كان خامنئي قد غضب كثيرا بسبب المواجهة بين الرئيس أحمدي نجاد مع علي لاريجاني في البرلمان قبل سفر الرئيس الإيراني إلى مصر. يوم السبت الماضي، انتقد خامنئي في خطاب علني الرئيس أحمدي نجاد والبرلمان والسلك القضائي بسبب تلك المواجهة، والتي تسببت بمشكلة قبل أشهر قليلة من الانتخابات.
أعضاء البرلمان لم يترددوا في الاعتراف علنا بحقيقة أنهم يخدمون خامنئي وليس الشعب الإيراني.
أحمدي نجاد كتب رسالة أيضا. ومع أنه لم يعتذر في الرسالة، إلا أنه اعترف ببساطة أنه يحب آية الله خامنئي لدرجة كبيرة، لكنه سيخدم الشعب الإيراني حتى آخر لحظة من فترة رئاسته.
هذه الأيام، أصبح لكتابة الرسائل سوق ساخنة في إيران. وهذا شمل مؤخرا مجموعة من كبار العلماء الإيرانيين الذين قرروا كتابة رسالة إلى الرئيس المصري محمد مرسي. في رسالة مفتوحة موجهة إلى الرئيس مرسي، أبدى العلماء الإيرانيون استعدادهم لنقل خبرات إيران وقدراتها العلمية إلى مصر. أبرز الذين وقعوا الرسالة المفتوحة إلى الرئيس المصري كان غلام علي حداد عادل وعلي أكبر ولايتي ورئيس جامعة طهران فرهد راهبار.
خبرة الدكتور ولايتي التنفيذية تتمثل بشكل أساسي بأنه كان وزير خارجية في عهد الرئيس هاشمي رفسنجاني. وعندما انتهت ولاية رفسنجاني الثانية، عين آية الله خامنئي الدكتور ولايتي مستشارا له للشؤون الخارجية.
بالنسبة لحداد عادل، تنحصر مناصبه الرسمية في أنه خدم لفترة واحدة كرئيس للبرلمان، وهو حاليا عضو في البرلمان. ميزته الوحيدة هي ارتباطه مع آية الله خامنئي، حيث إن ابنه تزوج ابنة المرشد الأعلى.
فرهد راهبار، رئيس جامعة إيران، كان على قناة الأخبار في التلفزيون الإيراني في يوم الأحد 17 فبراير. راهبار تحدث لمقدم البرنامج عن ضرورة الرسالة التي قررت هذه المجموعة من الأكاديميين رفعها إلى السيد مرسي وعرض خبرات إيران على البلد المسلم الشقيق، مصر.
راهبار قال إن العلماء الإيرانيين وجدوا أن واجبهم الديني يحتم عليهم تقديم المعونة والمساعدة العلمية للرئيس مرسي بعد انتصار الثورة. وقال إن إيران تقدم أفضل صورة لأنموذج الإسلام والسياسة جنبا إلى جنب.
ويعتقد البعض أن المرشد الأعلى هو الذي يقف وراء الأفكار الرئيسية التي في الرسالة الموجهة إلى الرئيس مرسي. خامنئي لم يلتق مع مرسي في طهران، ولذلك لم يتمكن من الاستفادة من استغلال الإعلام للحديث عن أهمية ذلك اللقاء الذي يتم. وحيث إن الرئيس مرسي اعتذر عن لقائه، وجد المرشد الأعلى حرجا في كتابة رسالة مباشرة إلى مرسي وترك تلك المهمة لهذه المجموعة من العلماء.
لو كنت مكان الرئيس المصري محمد مرسي لكتبت رسالة جوابية إلى العلماء الذين وقعوا على الرسالة وطلبت منهم أن يلتفتوا إلى تطبيق الإسلام الحقيقي في بلادهم، وأن يراعوا حقوق الإنسان والأقليات في إيران بدلا من القلق على ما إذا كانت الشريعة الإسلامية كاملة تطبق في المجتمع المصري بعد الثورة، ولكنت طلبت منهم أيضا تفسيرا عن سبب عدم السماح للمسلمين السنة بالحصول على ترخيص بناء حتى جامع واحد في العاصمة الإيرانية طهران مع أنه يوجد الكثير من الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية التي تمارس طقوسها في البلد. هذا السؤال الذي لا يجرؤ المواطن الإيراني العادي أن يسأله، من الجميل أن نرى جهة أخرى تواجه السلطات الإيرانية به.
وقد سأل مقدم البرنامج التلفزيوني رئيس جامعة طهران عن سبب عدم توجيه الرسائل إلى علماء مصريين بدلا من الرئيس. راهبار أجاب: "لأننا وصلتنا معلومات أن بعض الأشرار يكتبون رسائل باستمرار إلى الرئيس محمد مرسي يطلبون منه عدم تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل كامل في المجتمع. يريدون أن يزرعوا الشك لديه".
هل وجدت إيران الآن مهمة جديدة تتلخص في إنقاذ مرسي من الذين يوسوسون له أيضا؟ حتى البابا ربما لا يكتب لرئيس بلد رسالة تهدف إلى إنقاذه من الوساوس! إنه تصرف سخيف وقد تعود الإيرانيون أن يجعلوا من مثل هذه الحكايات أضحوكة يستهزئون منها وهم يتناولون الفطور صباحا أو يشاهدون التلفزيون في المساء.
في محاولة لمنافسة آخر زيارة لأحمدي نجاد إلى مصر، كان خصومه بحاجة للتحرك وفتح قناة مع إدارة مرسي قبل أن يغادر أحمدي نجاد منصبه في يونيو القادم.
لقد تعب الإيرانيون من الضغوط بجميع أنواعها. كان الإسلام في حال أفضل قبل الثورة، لكن الإيرانيين يضعون اللائمة وأي عيب أو إحباط على الإسلام نفسه الذي يدعي الحاكم أنه يطبقه.. إسلام آية الله خامنئي.