في قصة (رهام) ومن قبلها قصة أيتام جازان وأيضا دار ملاحظتها ما يبرهن أن لدينا شبكة هائلة من القوانين التي تحمي الموظف ولكننا في المقابل بلا جملة واحدة من القانون لحماية الوظيفة. أقصى ما يستطيع أن يفعله معالي الوزير ليس إلا أن يعفي خمسة من المناصب وعلى التوالي: سينتقل مدير المستشفى إلى التموين الطبي وسينقل مدير مختبر الدم إلى إدارة المتابعة. مسؤول الأيتام سينقل إلى إدارة الضمان الاجتماعي بالمنطقة مثلما سيذهب مدير دار الملاحظة إلى دار التأهيل الشامل وكلاهما سيحظى بعطف سعادة المدير العام الذي نجا بجلده رغم أنه بحكم المنصب رأس الكوارث.
لا توجد لدى معالي الوزير صلاحية لأن (يضرب اللعيبة كي يستأدب الجمل) وحتى إن كانت لديه هذه الصلاحية على الورق فأمامه أوراق هائلة من قوانين حفظ حقوق الموظف على حساب الوظيفة. لا توجد لدى أي وزير صلاحية مطلقة لأن يقول لموظف (مع السلامة) لأن الوظيفة في عرفنا الاجتماعي والإداري حق مكتسب وعرف سائد.
بقي علينا أن نقترح العقوبات المخففة في غياب صلاحيات العقوبات الرادعة. الذين أعدموا مستقبل (رهام) الصحي والاجتماعي دون أن يدركوا حجم الكارثة عليهم أن يدفعوا أيضا ولو نصف كوارث (إعدام) مستقبل طفلة. مثلا، أن يحرموا جميعا من معاش التقاعد بعد الوظيفة لأنهم لا يستحقون أن نكافئهم في نهايات العمر بعد ما فعلوه، إهمالا، لطفلة في بداية العمر. أن ينقلوا إلى أقرب نقطة بعد ألف كيلو متر من أبعد نقطة من مكان الوظيفة الحالية كي يعرف كل موظف حكومي أن للإهمال والتسويف ضريبته. أن تتوقف مسيرات الرواتب لعام كامل مع الالتزام بالدوام وأن تسقط عنه كل حقوقه المالية وأيضاَ رصيده من الإجازات حتى نهاية الوظيفة. أن نقول فورا (مع السلامة) لكل مدير عام تسبب من تحته في هذه الكوارث لأن المدير العام في منطقته هو (الوجه) الذي نعرف من خلاله معالي الوزير وهو المؤتمن من قبله على هذه المسؤولية والمهمة. أما أن تتمخض العقوبة عن الإعفاء من المنصب وغرامة عشرة آلاف ريال فهذه ليست مجرد (مهزلة) في هشاشة القوانين الإدارية، بل أيضا رسالة تطمين إلى آلاف الموظفين عن النهايات (المثلجة) لمثل هذه الكوارث الإدارية. بهذه الآلية من هشاشة القوانين وركاكة العقوبات ستبقى الوظيفة في يد الموظف المهمل مثل (صك شرعي) ينتقل به من أرض إلى حيازة الأخرى. وبهذا الصك الوهمي سنرى المتسبب غدا على الشارع العام بعد أن كان بالأمس في الأحياء الخلفية. مقترحاتكم!!