عبدالعزيز صالح العسكر

عضو الجمعية العلمية

السعودية للغة العربية



لو وقع الخطأ من جاهل من الناس لكان أمره يسيرا، وعلاجه سهلا، ولكن المصيبة أن يكون الخطأ شائعا واستعماله كثير والمقتنعون به لا يحصرون كثرة.

ولقد كتبت وكتب غيري في هذا الموضوع مقالات وكتبا كثيرة ، ولا زال الميدان الثقافي بحاجة ماسة إلى جهود كثيرة وكبيرة لمعالجة الأخطاء وإصلاحها، ولقد رأيت أن أسهم في هذا الواجب بهذه السطور لعلها تجد القبول الذي أتمناه لها.

- قال أحد كتاب الصحف: (معاقبة المفسدين لا يجب أن تكون على استحياء أو خجل أبدا فلا بد أن تكون في العلن تحت ضوء الشمس)!

والذي يفهم من ظاهر العبارة أن معاقبة المفسدين (لا يجب) أن تكون على استحياء ولكن يجوز ... وهذا ما لا يتوافق مع ما بعدها في العبارة!

وكان الأصح والأصوب: أن يقول بدل لفظ (لا يجب) لا يقبل أو لا يجوز أو لا يستحسن، ثم بدل لفظ (أبدا فلابد) لفظ (بل لابد).

وأصبح من هذا قول بعضهم: لا يجب أن يقصر الموظف في عمله! وقول بعضهم: لا يجب أن نتأخر عن الصلاة! وقول بعضهم: لا يجب أن يعق الأبناء آباءهم!

وذلك الخطأ الشائع سببه التقليد وضعف القدرات اللغوية وصعود غير الأكفاء إلى منابر الكتابة والخطابة.

- وفي الصحيفة نفسها والصفحة نفسها تقول إحدى الكاتبات: (موضوع الخادمة ذاتها كإنسان غريب نستضيفه في بيوتنا)!

والذي يفهم من ظاهر العبارة أن الخادمة (كإنسان) وليست إنسان لأن الكاف في اللغة العربية تفيد التشبيه! ولكن ذلك غير مقصود وإنما التقليد هو الذي فرض تلك (الكاف) بينما الصحيح أن يقال: الخادمة ذاتها وهي إنسان غريب، ومثل قولهم: أنت كمواطن يجب أن تحمي أمن وطنك. والصحيح أن يقال: أنت لكونك مواطنا أو أنت المواطن.

- يقول كثير من المذيعين: هذه الحلقة (بفتح اللام)، ويقصدون حلقة من برنامج إذاعي أو تلفازي. والصحيح أن يقال: حلقة (بسكون اللام) لأن كلمة حلقة بفتح اللام جمع حالق. ومثل ذلك يقولون: حلقة القرآن الكريم بفتح اللام والصحيح بسكونها كما أسلفنا، وحلقة القرآن مأخوذة من التحلق، ويزداد عجبي إذا رأيت بعض المذيعين يردد هذه الكلمة بتشكيلها الخاطىء وهو يزعم أنه يحسن صنعا حتى تتكرر في (الحلقة) مرات عديدة يكرر فيها الخطأ دون تردد أو سماع للنقد والتوجيه.

- أرسلت رسالة في الهاتف الجوال أدعو فيها صاحبا لي لطعام العشاء. فرد علي بهذه الرسالة (بارك الله فيك غير متواجد حاليا) وليته لم يرد!

والخطأ الشائع هنا هو في كلمة (تواجد) فمعناها في اللغة العربية: الحزن والأسى والتفكير المصاحب لهما. والصحيح: وهو المقصود هنا الحضور، فكان على صاحبي أن يقول: أنا غير حاضر الآن أو غير موجود في البلد أو المملكة. ولكنه التقليد الأعمى، فلو سألت من يردد هذه الكلمة في تخاطبه وتعامله مع أهله وزملائه وغيرهم لكان جوابه: أسمعها كثيرا بين الناس وفي وسائل الإعلام. وهي الحجة الواهية الضعيفة!