في القاهرة فرغنا من الغداء في بيت أحد زملاء الدراسة، ولأنه يوم جمعة نظر الجميع إلى جوالاتهم ليرصدوا مكان الأحداث ويبتعدوا عنها عند عودتهم لبيوتهم، وفجأة قال أحدهم: دكتور محمد الحضيف في مصر.. أخذت جهازه لأقرأ تغريدات أستاذي في الإعلام الذي تعلمت من كتابه (كيف تؤثر وسائل الإعلام) الكثير، وكنت مهتماً لأعرف هل يصف دكتور الإعلام وضع مصر كما هو.

لأي فكر معتنقوه ومؤيدوه ومعجبوه، وعندما يمر الفكر بأزمة عنيفة ينفض المعجبون ويتمترس حوله المعتنقون والمؤيدون، ولا شك عندي أن أستاذي أحد الثلاثة بالنسبة لفكر الإخوان المسلمين. وصف الدكتور محمد أوضاع مصر بأنها مستقرة، وغرد من "الحسين" أن أعداء حكم الإخوان أقزام، وحاول أن يصور ما يحدث على ما يريد. وهذا هو التفكير بالتمني.. مصر في أزمة باعتراف رئيسها ومستشاريه ومثقفيها وحتى شعبها، وكلنا أمل أن تتجاوزوها.

إن المكابرة التي يقودها المتعاطفون مع حكم الإخوان في الخليج تخصم من رصيدهم لدى الناس، وكان الأولى بمفكري إخوان الخليج الذين يقلقهم نفور الناس من الإخوان أن يقيموا تجربة حكم الإخوان ويدرسوا أخطاءها ويطوروها، وللإنصاف فإن فشل التجربة الأولى لا يعني سوء الفكرة، أما الترويج بأن هناك مؤامرات فما الفرق إذن بين من غرد الدكتور مستهزئا بهم قبل عامين عندما نسبوا ما يحدث في بلدانهم لمؤامرات ومن يعجب بهم الدكتور الآن..؟ ولأنه أستاذي فأنا أقتدي به في نصحه علانية فهو من مؤيدي النصح العلني، وأقول له إن توصيف أعداء سياسيين أو مخالفين بالأقزام ينقص المكانة ويضعف الفكرة ويدل على قلة الحجة، لأن الشتيمة لا تليق بالعالم. نظرت إلى جانبي ووجدت صحفا مصرية قومية ومستقلة تصف الأيام الماضية بالدموية وتنشر إحصاءات للقتلى والجرحى يتوسطها تصريح لوزير داخلية مصر محمد إبراهيم يعلن فيه توزيع آلاف "الطبنجات" على أفراد الشرطة لمواجهة الانفلات الأمني والفوضى.. فاحترت من أصدق.. فالدكتور لا يكذب.. ربما غم عليه ربما..