بالأمس جاءنا الحاج "متولي" في إحدى المواسم الرمضانية يتهادى على إيقاع ثقافة الترويج للتعدد، والتنقل بين شواطئ الزوجات الشقراوات والسمراوات والطويلات والقصيرات ومن كل الأشكال! وهن -في عين الحسود- مسخرات لخدمة سي السيد، يتحركن برهن إشارة من إصبعه ويأتمرن بإيماءة من عينيه، ويوقدن "أصابعهن العشرة" شموعا إرضاء لدون جوان عصره وأوانه الحاج "متولي"! وحبة كذب درامي معتبر على شوية فلفل وبهار وتمكن من أدوات التقمص والتشخيص، و(الأشيا تبقى معدن) كما يقول إخواننا المصريون! لتكرس صورة الرجل "المعدد" صاحب العقل الرشيد والفهم الأريب في النسوان والقدرة على التعامل معهن وشكمهن وتطويعهن! ثم الحكم بالعدل والقسطاط المستقيم بينهن وصولا إلى استتباب الأمن والسلام في إمبراطورية الحاج "متولي" الذي حاز المجد من أطرافه كلها، ودخل التاريخ من أوسع أبوابه "التعددية" المجيدة! وهنا يشتعل الخيال الذكوري الطامح للتنعم بين الزوجات والتنقل بينهن بسلام وأمان، حيث تفتت عدالة الرجل الرشيد أعتى المعارك النسوية وتوفق بين رؤوس الزوجات المختلفات، وكله مقدور عليه ما دامت الفلوس موجودة والجيب عمران، فأقدم أيها المتوجس من التعدد ولا تبالي ولا تخش العواقب فقد حل لك الحاج "متولي" المعادلة الصعبة! وهكذا تعزز الدراما وتؤطر صورة الرجل "المعدد" وتبرقشه بأجمل الألوان وتفكك له أعتى المعضلات والعقد، وتحبس المرأة في أطر الصورة النمطية المعهودة، وطأطأة الرؤوس لفارس "التعدد" الهمام وخشخة جيوبه، حتى لو كان رجلا ظلا منشطرا بين أربع جدران!
واليوم وفي الموسم الرمضاني القادم على الأبواب ترقبوا وصول الحاجة "زهرة " وأزواجها الخمسة، ومفيش حد أحسن من حد! فكما حاز الحاج "متولي" المجد من أوسع أبوابه "التعددية" تطمح الحاجة "زهرة" لارتداء صولجان "التعددية" المهيب، والأخذ بلب المشاهد العربي واهتمامه في شهر الرحمة والبركة والإحسان! وهاهي النجمة "غادة عبد الرازق" تكاد ترقع بالزغاريد فرحا وابتهاجا بإجازة "الأزهر" للمسلسل والتأكيد على أن فكرته لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية ومن ثم عرضه في المارثون الرمضاني المعهود لكل عام!
ليس صعبا التكهن بالصورة التي سيقدمها المسلسل - إياه - عن المرأة، فصورة المرأة في الدراما العربية محبوسة بين دائرتي التشييء والتسليع؛ يندر أن تجد لها مخرجا أو منفذا بينهما، فهي إما المرأة "الخانعة" أشباه حريم متولي أو نسوان "باب الحارة "، وإما المرأة "الغانية"!