كشفت المسرحية الكوميدية "يمرض ولا يموت" معاناة الفرد من ضغوطات الحياة، عبر زياراته المتكررة للمستشفيات، لحل لغز صمته المعبر عن عجزه في حل مشكلته الأساسية، والمتمثلة في الحصول على شقة يداوي فيها سقم الهجران.
المسرحية التي عرضت أول من أمس هي إحدى مبادرات لجنة المسرح بفرع جمعية الثقافة والفنون في الدمام كتبها ياسر الحسن، وأخرجها راشد الورثان ولعب أدوارها نخبة من فناني المنطقة الشرقية المسرحيين "عبدالرحمن بودي، جبران الجبران، عبدالله الجفال، محمد القحطاني، حسين العباس وهيب ردمان، وحيدر الدوخي"، مؤثرات عبدالعزيز العباس، إضاءة مكي درويش، وديكور وهيب ردمان.
ملئت المسرحية بالدلالات الرمزية، وسرعان ما تتدحرج هذه الدلالات لتعكس واقعا مريرا تعانيه الشخصية "مالك" بين الطبيب المعالج الذي لعب دوره عبدالله الجفال وصاحب العقار الجشع الذي يتلاعب بعواطب المحرومين من نعمة السكن المستقل.
تنقلك ورقة الاستبيان عن الحالة الطبية لمالك، إلى مدى تجذر عروقه في الطبقة الكادحة دون توضيح، وأحيانا تلك الشخصية "مالك" التي تتكئ على الأهل في مجابهة ما تواجهه من عقبات، حيث تبرز لنا الشخصية "أخ المريض" والتي يؤدي دورها حسين العباس مدى معاناته لتحقيق التوازن النفسي لأخيه مالك، متكئا على ما يحصل عليه من موارد مالية مصدرها الأساسي بيع كمالياته وحتى بعض مستلزماته الحياته من أجل إنقاذ أخيه. يقابل هذا الصراع بين الجشع الواضح في شخصية المستشار التي يؤديها محمد القحطاني، مقاومة خجولة من شخصية الممرض التي يؤديها جبران الجبران رغم تميزها بالاذعان وتعرضها للتوبيخ بين فينة واخرى ، شخصية لا تمتلك مواصفات التمرد روحا وفكرا ، وإنما تعاطفا خجولا مع كل زائر يدق عيادة المستشفى طلبا للعلاج.
ومن خلال الحوارات المتعددة، والتي تهرب بانسياب جميل من شخصية المستشار "محمد القحطاني" ، تنبؤنا بأن الشخصية هي عجينة إنسانية متفردة من نوعها، تتدخل في مفردات حياتنا بشكل فض ، وتفرض علينا حلولا قدرية وتعجيزية ، تزيد من ألم الانسان المحاصر بالديون ، الموصوف بالمتشرد، على شاكلة الطير الذي يرقص مذبوحا من الألم.