كتبت هنا مقالتين عبارة عن رسائل وجهتها لأمير المنطقة الشرقية الجديد الأمير سعود بن نايف، وأعود اليوم لأكتب رسالة ثالثة عطفا على ما سمعته من سكان المنطقة في أول يوم باشر فيه الأمير عمله، فقد لاحظ سكان المنطقة أن الأمير أثناء توجهه لمبنى الإمارة بالدمام توقف عند إشارات المرور، وقد لاقت هذه الخطوة استحسان السكان، ولهذا تناقلوها فيما بينهم على أنها بداية موفقة للأمير، ومؤشر جيد لنوع العلاقة التي ستكون بينه وبين سكان المنطقة.
وفي ظني أن في وقوف الأمير عند إشارات المرور- ما لم يكن في ذلك موانع أمنية واحتياطية - فوائد ليس فقط في جانب التواضع كما يرى البعض، بل إن الجانب الأهم وفق ما أرى، أن في وقوف الأمير عند إشارات المرور، أنه سيرى بعينيه وبشكل يومي الكثير مما ينبغي أن يراه الحاكم الإداري عن المدينة وسكانها وحالها في جانبها السلبي والإيجابي، وهو ما لا يمكن الوقوف عليه والالتفات إليه لو كان موكب الأمير يسير بسرعة مخترقا الشوارع وإشارات المرور في كل الطرق التي يسلكها.
عند وقوف الأمير عند إشارات المرور سيرى على سبيل المثال لا الحصر معاناة الناس مع الزحمة في بعض الطرقات، وعند بعض التقاطعات إلى درجة أن بعض الإشارات تفتح وتغلق لأربع وخمس مرات، ولم يتمكن سالكو الطريق من تجاوز ذلك التقاطع، وليكتشف سموه أيضا أنه سيضطر إلى الوقوف عند كل إشارة في الطريق الذي يسلكه للوصول إلى مبنى الإمارة؛ بسبب عدم مبالاة إدارة المرور في ضبط الإشارات، إذ تفتح آليا وبالتتابع لقائد المركبة حينما يقود مركبته بالسرعة المحددة في الشارع.
أتمنى من الأمير سعود بدلا من أن ينزل من الطائرة عبر المطار التنفيذي وهو قادم للدمام أن ينزل مع بقية المسافرين، خاصة عندما يكون قادما من رحلة خارجية، فحتما سوف يقف على ما يشكو منه سكان المنطقة الشرقية منذ سنين عدة، حيث "كاونترات" الجوازات الخالية والزحمة والفوضى وافتقاد البسمة وحسن التعامل.
وبودي من الأمير أن يتجه إلى جسر الملك فهد قاصدا دولة البحرين دون أن يخبر أحدا في الجسر ليرى بنفسه معاناة طالت الشكوى منها في الجانب السعودي فقط، وبودي أن يدخل الأمير الدمام بلا موكب، وهو قادم من الجبيل أو الرياض ليرى ويعايش ما يعانيه سكان المنطقة منذ أكثر من عقدين دون حل، وليسأل عن سبب تأخر الطريق الدائري في مرحلته الأولى والثانية. لعلي ركزت هنا على جانب المواصلات كالمطار والجسر ومداخل الدمام، كون حديثنا في أساسه كان عن توقف الأمير عند إشارات المرور، ولكني وسكان المنطقة نتمنى من سمو الأمير أن يكون هذا ديدنه في كل مناحي عمله؛ لأنه متى ما عايش الأمور على طبيعتها، فإنه سيشخص حال المنطقة وحال سكانها، ومن ثم ستسهل عليه وضع الحلول، وتحقيق أماني ورغبات السكان، فنحن ننتظر منه عملا غير تقليدي، كون منطقتنا تستحق أن تكون في وضع أفضل بكثير مما هي عليه.