خرجت شركة "أرامكو السعودية" أمس عن صمتها لترد على "إشاعات" و"افتراضات" نسجت حول التحقيقات في قضية رشاوى شركة "تايكو" الأميركية، مؤكدة أن المتورط فيها "فني" وليس "مسؤولاً" وأنها فصلته قبل 4 سنوات بعدما كشف أمره في تحقيق داخلي. وأشارت "أرامكو السعودية" إلى أن وزارة العدل الأميركية غرّمت شركة "تايكو" والشركات التابعة لها نحو 26 مليون دولار بعد إدانتها بتهمة "الفساد العالمي" على خلفية توزيعها رشاوى تقدّر بنحو 1.8 مليار ريال على موظفين في 4 شركات حكومية في 3 دول خليجية. كما حددت "أرامكو السعودية" القيمة الإجمالية للأعمال التي تمت مع الشركات المنتسبة لـ "تايكو" على مدى السنوات الـ12 الماضية، بنحو 31 مليون دولار إلى جانب 11 مليون دولار أخرى أنفقت في شراء منتجات لمشاريع، من "تايكو" عبر شركات أخرى بنظام "تسليم المفتاح"، موضحة أن هذه المشتريات تمت من خلال مناقصات تنافسية مفتوحة شارك فيها عدد من الشركات من ضمنهم "تايكو".

ليست الوحيدة

وقالت "أرامكو السعودية" في بيان أصدرته أمس: "مما يؤسف له، أن هذه الحالة لم تكن الوحيدة التي اكتشفت على مدى السنوات العديدة الماضية"، مشيرة إلى أن إجراءات التدقيق الداخلية سابقاً، كشفت مخالفات لخطط أخلاقيات العمل في الشركة من قبل عدد من الأفراد الذين تم فصلهم من الخدمة، كما تم خلال الفترة نفسها إيقاف أو إنهاء التعامل مع العديد من الشركات المحلية والعالمية، نتيجة لممارسات التدليس أو الغش.

وإذ جددت "أرامكو السعودية" تأكيدها إجراء تحقيقات حول قضية الرشوة المرتبطة بـ "تايكو"، أوضحت "عددًا من الأمور التي وردت على نحو خاطئ في بعض الصحف والتي أصبحت مثار شائعات أو افتراضات خاطئة".

كشف المستور

وأفادت بأن تحقيقًا داخليًا أجرته عام 2009 حول الممارسات الداخلية غير النظامية، كشف أن موظفًا يعمل كأخصائي فني قد خالف قواعد تعارض المصالح وأخلاقيات العمل في الشركة من خلال تلقي رشاوى مختلفة، من ضمنها رشاوى من شركة "بلجيكاست" الإسبانية، التي تحدد الآن انتسابها إلى شركة "تايكو إنترناشيونل ليمتد"، ونتيجة لذلك وفور اكتشاف ما قام به ذلك الموظف من أعمال غير قانونية، قامت أرامكو السعودية عام 2009 بفصله من العمل وحرمانه من جميع العوائد المستحقة له مع إدراجه على قائمة الأشخاص الذين لا يجوز لأرامكو السعودية أن تتعامل معهم أو مع أي شركة توظفهم. وفي الوقت ذاته أوقفت أرامكو السعودية التعاملات مع الشركة المعنية المنتسبة لتايكو و16 شركة أخرى متورطة في تلك الرشاوى، ولا يزال هذا الإيقاف قائمًا.

مراجعة شاملة

وأردفت الشركة في بيانها، أنها أجرت مراجعة شاملة لأنظمة وإجراءات التقييم الفني للموردين والمقاولين واعتمادهم، وقامت بتعزيز هذه الأنظمة والإجراءات من خلال إضافة مزيد من الضوابط والإجراءات لتجنب وقوع مشكلات مماثلة. كما تم تعزيز المعايير التي يتم على أساسها وقف التعامل مع المقاولين والموردين الذين يتورطون في سلوكيات غير أخلاقية أو غير قانونية، إضافة إلى مراجعاتها الداخلية، مشيرة إلى أنها أجرت اتصالات مع "تايكو" من خلال المحامين الخاصين بتلك الشركة، لطلب معلومات إضافية حول الأفراد والوكلاء المتورطين في المخالفات، وقد استجابت تايكو وقدمت معلومات تستخدمها "أرامكو السعودية" في الوقت الحالي في تعزيز تحقيقها الدقيق حول هذا الموضوع، حيث إن الموظف الوحيد الذي أوردت شركة تايكو اسمه في ردها هو نفسه الموظف الذي حددته أرامكو السعودية في التحقيق الذي أجرته في عام 2009 وقامت بفصله من الخدمة مع حرمانه من جميع العوائد.

ليس مسؤولاً

وردت "أرامكو السعودية" على بعض التقارير التي أشارت إلى أن "مسؤولاً" في الشركة قد قبل رشاوى، موضحة أن كلمة "مسؤول" (Official) التي وردت في وثائق قضية تايكو تستخدم للإشارة إلى أي موظف في شركة مملوكة لدولة بصرف النظر عن منصبه، والموظف الذي تأكدت أرامكو السعودية من أنه قد قبل رشاوى في القضية السابقة الخاصة بالشركة المنتسبة لتايكو كان أخصائيًا فنيًا وليس "مسؤولاً" يشغل أي منصب من مناصب الإدارة. ولفتت إلى أن موظف الشركة المتورط في هذه القضية لم يكن يشغل منصبًا عاليا، إلا أن أرامكو السعودية أخذت هذه الحادثة على محمل الجد وأطلقت تحقيقًا ثانيًا مكملاً للتحقيق الذي أجري في عام 2009، مؤكدة أنها تعد مراجعة متعمقة حالياً للإجراءات الخاصة بالإبلاغ عن حالات تعارض المصالح والتوعية بالغش والرشوة والتأكد من الالتزام بالأنظمة والقوانين.

وأفادت أن تأكيد "تايكو" لهوية الموظف الذي تم إنهاء خدمته في عام 2009 لن يؤثر بأي حال من الأحوال على التزام الشركة بمواصلة تحقيقها الحالي بكل جدية لكشف أي موظف أو جهة وسيطة ممن قد يكونون تورطوا في مسألة تايكو، والتعامل معه.

فساد عالمي

وفصلت الشركة في بيانها، أن التحقيق الذي أجرته وزارة العدل الأميركية مع شركة "تايكو" والتسوية التي توصلت إليها مع هذه الشركة التي تضم شركات مملوكة لبعض الدول ومسؤولين حكوميين فيما لا يقل عن 18 دولة، انتهى إلى أن "تايكو فالفز آند كونترولز ميدل إيست إنك" (تايكو ميدل إيست) التابعة لشركة "تايكو إنترناشيونل ليمتد"، دفعت رشاوى إلى موظفين في أربع شركات حكومية في ثلاث من دول الخليج بين عامي 2003 و2006، تقدر بنحو 488 ألفا و479 دولاراً (نحو مليار و831 مليون ريال)، مشيرة إلى تغريمها 26 مليون دولار عقوبة على نمط الفساد العالمي الذي مارسته على مدى أكثر من عشر سنوات، علمًا بأن 2.1 مليون دولار من هذه الغرامة الإجمالية يرتبط بجرائم تايكو في منطقة الخليج العربي.

كما وجّهت وزارة العدل الأميركية إلى الشركتين، تهمة ارتكاب مخالفات للقانون الأميركي، الخاص بالممارسات الأجنبية الفاسدة، وأقرتا بالذنب بخصوص تلك التهم. وأكدت "أرامكو السعودية" في بيانها، أنها ما إن علمت بأمر هذه القضية ضد "تايكو" وبما قيل عن تورط أحد موظفيها في هذه القضية، حتى تم إيقاف جميع الأعمال مع الشركات المنتسبة لـ "تايكو"، كما أطلقت تحقيقًا داخليًا لكشف ما إذا كان هناك مزيد من الممارسات التجارية غير المشروعة المتعلقة بـ "تايكو" أو أي من الشركات المنتسبة إليها أو وكلائها.

إجراءات صارمة

من جانبه، قال رئيس "أرامكو السعودية"، كبير إدارييها التنفيذيين خالد الفالح إن "الشركة تدين مثل هذه الممارسات وتأخذ الشكوك المتعلقة بالسلوك المنافي لقواعد وأخلاقيات العمل بجدية بالغة"، مؤكداً لكل من تهمهم هذه الشركة "أننا نتبع سياسة تتمثل في عدم قبول أي قدر - مهما قلّ - من ممارسات الأعمال غير الأخلاقية. كما أن أرامكو السعودية تواصل تحقيقها الخاص في هذه القضية، ونحن ملتزمون باتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة مثل هذه الممارسات". وأضاف الفالح: "من المؤسف أن تصرفًا غير لائق من شخص واحد يمكن أن يلوث سمعة الشركة التي يبذل موظفوها قصارى جهدهم للمحافظة عليها".

وأعرب الفالح عن عزم إدارة الشركة على "استمرار بذل أقصى الجهود في متابعة هذه المسألة"، قائلاً: "مع أن وثائق القضية الرسمية الخاصة بشركة تايكو تشير إلى أن المخالفات التي تورط فيها موظف أرامكو السعودية حدثت في عامي 2003 و2004، وأنها محدودة فيما يتعلق بنطاقها ومبالغها والموظفين المتورطين فيها وقيمة العقد المرتبط بها، فإن أرامكو السعودية تجري مراجعة شاملة للتأكد من عدم وجود أية مخالفات أو تصرفات غير قانونية أخرى مرتبطة بالشركات المنتسبة إلى تايكو فيما سبق". وتابع: "على الرغم من أن المخالفات المذكورة مر عليها وقت طويل، فإن الشركة تعيد دراسة الإجراءات الخاصة بمراقبة الالتزام بالإجراءات النظامية للتأكد من عدم تكرار مثل تلك المخالفات. كما نقوم أيضًا بدراسة علاقاتنا التجارية لضمان عدم الدخول في تعاملات مع شركات لا تلتزم بأعلى المعايير الأخلاقية."

مسؤولية جماعية

وأضاف الفالح: "إن مكافحة الغش والفساد هي مسؤولية جماعية تقع على عاتقنا جميعًا، ونحن نعتمد على جميع شركاء أعمالنا في الالتزام بأعلى المعايير الأخلاقية، وهو ما نلزم أنفسنا به، ويأتي ضمن ذلك إبلاغنا بأية حالات تصل إلى علم الشركات التي نتعامل معها لأية تصرفات غير أخلاقية أو جنائية يتورط فيها أي طرف بمن في ذلك أي موظف من موظفي أرامكو السعودية".

المعايير الأخلاقية

وأكدت "أرامكو السعودية" في بيانها، أنها تلتزم بأعلى المعايير الأخلاقية والقانونية في ممارسة أعمالها، وتشترط على موظفيها ممارسة جميع أعمالهم بصورة أخلاقية تلتزم بالأنظمة والقوانين السارية، مؤكدة تعاملها بجدية بالغة مع أي تصرف غير أخلاقي من قبل موظفيها وتلتزم بالتأكد من أن موظفيها والشركات الأخرى العاملة والمتعاونة معها ينجزون أعمالها وفقًا لأعلى المعايير الأخلاقية ويلتزمون بالأنظمة السارية.

وأشارت إلى أنها وضعت مجموعة من الخطط المنظمة لذلك من بينها خطة أخلاقيات العمل، وخطة تعارض المصالح، وقواعد سلوكيات الموردين والمقاولين، إلى جانب خطط وإجراءات أخرى كفيلة بضمان الالتزام بالقواعد والأنظمة ومنع وكشف ومعاقبة التصرفات الخاطئة من قبل موظفي أرامكو السعودية والشركات الأخرى المتعاملة معها.

وعلى سبيل المثال، فإن خطة تعارض المصالح وخطة أخلاقيات العمل هما خطتان صارمتان إلزاميتان يتعين على كل موظف من موظفي الشركة أن يوافق خطياً على الالتزام بهما. كما تتوقع الشركة من جميع مورديها وشركاء أعمالها أن يلتزموا بنفس الدرجة من السلوك الأخلاقي والقانوني، علمًا بأن قواعد سلوكيات الموردين الصادرة عن الشركة تنطبق على جميع المقاولين، والمقاولين من الباطن، والموردين ويتعين عليهم جميعًا الموافقة عليها خطيا.

ومن ناحية أخرى فإن "أرامكو السعودية" قبل أن تعاود التعامل مع أي شركة تكون قد أوقفت تعاملاتها معها من قبل، نتيجة لأنشطة غير أخلاقية أو جنائية، تفرض على تلك الشركة أن تجري مراجعة دقيقة لهيكلها العام، وإجراءات الحوكمة الخاصة بها، وأن تعقد ورش عمل لموظفيها في مجال التوعية بالغش والأخلاقيات، وأن تسمح بإجراء تدقيق جنائي مستقل لأعمالها وضوابطها وممارساتها المالية من قبل شركة متخصصة مستقلة معتمدة. كما تشدد أرامكو السعودية على أن إجراءات المناقصات لديها تنافسية يتم من خلالها شراء المواد، كما أن لديها إدارة تدقيق داخلي تابعة لمجلس الإدارة لضمان تحقيق الأهداف التشغيلية والمالية للشركة.

وسائل التبليغ

وفي إطار تطبيق أرامكو السعودية لأفضل الممارسات في مجال حوكمة الشركات، فإن أعمال الشركة تخضع لتدقيق تقوم به شركة تدقيق عالمية متخصصة بناء على توجيهات المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن في المملكة. كما تم إيجاد قنوات اتصال داخلية تتيح للموظفين وغيرهم الإبلاغ عن أية مخالفات لأخلاقيات العمل، ويوجد أيضًا خط هاتفي مباشر للمدقق العام يمثل وسيلة آمنة وسرية يمكن من خلالها للموظفين وللأفراد من خارج الشركة الإبلاغ عن أية شبهة لغش أو سلوكيات غير أخلاقية أو مخالفات الأنظمة. ويمكن الاتصال بالمدقق العام على رقم الهاتف 3333-874-03 أو مخاطبته من خلال العنوان البريدي: [email protected]

وستواصل الشركة العمل على تعزيز هذه الخطط والأنظمة الداخلية والإجراءات وقنوات الإبلاغ عن المخالفات، حيث ساعدت كل هذه الوسائل الشركة وموظفيها على الوفاء بالتزامهم الراسخ بالمحافظة على أعلى المعايير الأخلاقية والقانونية في جميع أعمال الشركة.


 


..وتبحث عن النفط داخل أحياء طريف







طريف: حمود الأشجعي

بدأت شركة بي جي بي الصينية التي تعاقدت معها وزارة البترول والثروة المعدنية مؤخرا بالعمل داخل أحياء محافظة طريف بغية تقديم دراسات علمية جيولوجية لطبقات الأرض تهدف للبحث عن وجود علامات على توفر الغاز والبترول، فيما طالبت الشركة المواطنين بعدم الفزع من وجود سياراتها ومعداتها التي بدأت وضعها في عدد من الأحياء بهدف إعطاء مسح جيولوجي لتقديم مزيد من الدراسات حول عمليات التنقيب لشركة أرامكو مما قد تنتج عنه بعض الاهتزازات الطفيفة لأغراض الدراسة، مطالبة المواطنين أن يسهلوا مهمتها بما يخدم المصلحة العامة.

وأوضح مدير العلاقات العامة في شركة بي جي بي، عبدالله السبيعي إلى "الوطن" أن الشركة تعمل على تقديم دراسة متكاملة عن طريق البدء بالأعمال الاستكشافية داخل أحياء طريف وخارجها والتي من شأنها وضع تصور ورؤية كاملة من خلال تصوير مكامن البحث تحت الأرض وذلك لتقديمها لشركة أرامكو، رافضا إعطاء مزيد من التفاصيل في ذلك حول ما إذا كانت تلك الأعمال تمثل تنقيبا عن الغاز أو النفط وذلك بحكم عدم الاختصاص، إضافة إلى وجود كما يقول اتفاقية مع شركة أرامكو بعدم التصريح حول طبيعة أعمالهم لوسائل الإعلام.

من جهته كشف مصدر في شركة أرامكو السعودية إلى "الوطن" ـ رفض ذكر اسمه ـ أمس من أن تلك الأعمال التي تقوم بها شركة بي جي بي التي أتمت التعاقد معها مؤخرا لا تمثل في طبيعة عملها تنقيبا عن الغاز أو البترول بل هي دراسات ومسح ميداني جيولوجي يمتد من داخل أحياء طريف وصولا إلى منطقة الحنو 30 كلم غربي المحافظة.

وأضاف أنه على ضوء تلك الدراسات التي تقدمها الشركة يتم تحديد مراحل التنقيب لاحقا أو الاكتفاء فقط بتلك الدراسات العلمية.

وقد تسببت أعمال شركة بي بي جي بإحداث ربكة في تقاطع الطريق الدولي في مدخل طريف أول من أمس وعدد من الشوارع الرئيسية بعد أن قامت الشركة بمد كيابلها وأسلاكها على امتداد تلك الشوارع وفي داخل التقاطعات وفي الطريق المؤدي إلى عرعر شرقا والقريات غربا وذلك ضمن عملها الذي بدأته في محافظة طريف قبل عدة أيام، مما أدى إلى تدخل الدوريات الأمنية والمرور في فك الزحام والاختناقات المرورية.

من جهة أخرى بدأت أزمة ارتفاع الأراضي تلوح في الأفق مجددا في طريف، بعد أن شهدت استقرارا خلال الشهور الخمسة الماضية، وذلك بعد أن انتشرت عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أخبار عن وجود كميات من الغاز والنفط داخل أحياء طريف، لتقفز أسعار الأراضي جراء تلك الأنباء الى أكثر من 25% عن قيمها السابقة.

وأرجع مدير فرع وزارة التجارة بطريف ثاني مسهوج العنزي الارتفاعات لجشع التجار من خلال تدوير أسعار الأراضي واستغلال تلك الأخبار التي لا يعرف مدى صحتها لرفع قيمة تلك الأراضي، مطالبا بتكوين لجان مختصة في المناطق لتثمين الأراضي بقيمها الحقيقية وإرشاد المواطنين من خلال مكاتب العقار المنتشرة في المحافظات بتلك التوصيات للأخذ بها بدلا من تركها لتصل إلى أرقام فلكية كما هو الآن.